32

Sagaal Fikrado oo Ku Saabsan Waqtiga

تسعة تصورات عن الزمن: السفر عبر الزمن بين الحقيقة والخيال

Noocyada

ثمة نفق داخلي في حل كير لمعادلات أينشتاين للمجال، لكنه غير مستقر. وأقل اضطراب فيه من شأنه أن يوصده ويحول النفق إلى متفردة فيزيائية لا يمكن لأي شيء أن يمر عبره. وقد حاولت تخيل حضارة متفوقة من شأنها أن تتحكم في البنية الداخلية لنجم متهاو بهدف الإبقاء على النفق الداخلي مستقرا. لكن هذا أمر في غاية الصعوبة. فسوف يتعين على تلك الحضارة مراقبة النفق والعمل على استقراره إلى الأبد.

يمكن لتلك الحيلة أن تسري من خلال التغذية الراجعة السلبية، التي يحدث فيها أي اضطراب اضطرابا آخر يلغي الأول. وهذا هو نقيض تأثير التغذية الراجعة الإيجابية المألوف، الذي يتسبب في صوت الطنين الذي يخرج من مكبرات الصوت إذا ما وصل ميكروفون بتلك المكبرات عبر مضخم صوت ووضع هذا الميكروفون أمامها. فحينئذ تدخل الضوضاء الخارجة من مكبرات الصوت إلى الميكروفون، فتتضخم، وتخرج من مكبرات الصوت أعلى مما كانت عليه من قبل، فيلتقطها الميكروفون ويضخمها ... وهكذا. لكن إذا حللت تلك الضوضاء الخارجة من مكبرات الصوت بواسطة جهاز كمبيوتر يصدر موجة صوتية لها الخصائص المضادة تماما، فإن كلتا الموجتين تلغي إحداهما الأخرى، لينتج عن ذلك صمت. يمكن تنفيذ هذه الحيلة بسهولة، وهي تستخدم على نحو روتيني في سماعات الرأس العازلة تماما للضوضاء، التي قد تملك واحدة منها. لذا ليس من المستبعد أن نتخيل «الحضارة المتفوقة» التي يتحدث عنها ساجان تنشئ نظام إرسال واستقبال لموجات الجاذبية يقبع في حلق ثقب دودي ويستطيع تسجيل الاضطرابات التي يسببها مرور سفينة الفضاء عبر الثقب الدودي، ثم يقوم هذا النظام «بإعادة إصدار» مجموعة من موجات الجاذبية من شأنها إلغاء تلك الاضطرابات تماما، قبل أن تتمكن من تدمير النفق.

لكن بغض النظر عن الطريقة التي سيجري بها الأمر، فإن التأثيرات الناجمة عن إنشاء ثقب دودي قابل للسفر عبره يمكن أن تكون مثيرة. على سبيل المثال، إن كانت الفوهة الثابتة للثقب تبلغ من العمر 100 عام، فقد لا تعاصر الفوهة المتحركة سوى عام واحد فقط. فإذا ما بدأت التجربة في عام 2030، فإنها ستنتهي في عام 2130 بالنسبة إلى الفوهة الثابتة على الأرض، إلا أنها ستنتهي في عام 2031 بالنسبة إلى الفوهة المسافرة عبر الزمن. والمسافر الذي يدخل إلى الفوهة الثابتة في العام 2130 سيخرج من الفوهة المتحركة في عام 2031، رغم أن الفوهتين الآن متجاورتان في الفضاء. وهذا الفارق الزمني ثابت الآن. وما دامت الفوهتان في مكانيهما، فسيكون بالإمكان دائما القفز إلى الماضي مسافة 99 عاما أو القفز إلى المستقبل مسافة 99 عاما باستخدام هذا النفق الزمني. ويمكنك ضبط مدة الفارق الزمني بأي شكل تريد، باستخدام تأثير التمدد الزمني، لكن لا يمكنك أبدا العودة إلى الماضي إلى وقت أسبق من اللحظة التي انتهيت فيها من إنشاء آلة الزمن. «من الاعتراضات التي كثيرا ما أثيرت بخصوص السفر بالزمن إلى الماضي، أننا لم نلتق أحدا من المستقبل. فلو كان من الممكن زيارة الماضي، فقد نتوقع أن أحفادنا - ربما بعد آلاف السنين من الآن - سيبتكرون آلة زمن وسيعودون ليشاهدونا أو حتى ليحدثونا عن أنفسهم ... ولحسن الحظ أن هذا الاعتراض يسهل الرد عليه في حالة الثقوب الدودية كآلات للسفر عبر الزمن. فعلى الرغم من إمكانية استخدام الثقوب الدودية للسفر عبر الزمن جيئة وذهابا، فمن غير الممكن استخدام أحدها للانتقال إلى زمن يسبق إنشاء الثقب الدودي. فإذا أنشأنا ثقبا دوديا الآن ... فلن يمكنك استخدامه للعودة ومشاهدة الديناصورات. فقط إذا كان الثقب الدودي موجودا بالفعل في الطبيعة - أو إذا أنشئ على يد حضارة فضائية منذ زمن بعيد - يمكننا حينها زيارة عصور ما قبل الوقت الراهن. لذا، إذا أنشئت أول آلة زمن من ثقب دودي في العام 3000، فلا يمكن أن يكون هناك أي مسافر عبر الزمن من عام 2000.»

بول ديفيز، «كيف تصنع آلة زمن»، بينجوين، 2001

يجدر بنا هنا أن نوضح أن كل هذا نشر من قبل علماء بارزين في دوريات مرموقة مثل «فيزيكال ريفيو ليترز».

3

والتكنولوجيا التي يتطلبها هذا الأمر رائعة بلا شك؛ إذ تقتضي أخذ ما يساوي في كتلته كتلة ثقب أسود في رحلة عبر الفضاء بسرعة تعادل جزءا معتبرا من سرعة الضوء. لكن تذكر القول المأثور الشهير لآرثر سي كلارك: «لا يمكن إطلاقا التمييز بين السحر والتكنولوجيا المتقدمة كفاية.»

وبمناسبة الحديث عن السفر عبر الزمن، ثمة فكرة ذات صلة لا تنطوي على أي سفر عكسي عبر الزمن، لكنها تستخدم الأفكار نفسها التي تستخدمها الثقوب الدودية إلى حد كبير. في عام 1994، اقترح ميجيل ألكوبيير، وهو فيزيائي مكسيكي يعمل في جامعة كارديف، طريقة تتسق ومعادلات أينشتاين لتمديد وضغط نسيج الزمكان في شكل موجة من شأنها أن تجعل الفضاء الكائن أمام جسم ما (كسفينة فضاء مثلا) يتقلص فيما يتمدد الفضاء خلفه. وبداخل الموجة، تحمل سفينة الفضاء في «فقاعة ملتوية» من الفضاء المنبسط، فتتزلج على الموجة بسرعة أكبر من سرعة الضوء بالنسبة إلى أي مراقب من خارج الفقاعة. ويعد «محرك ألكوبيير المعوج» هذا هو أقرب شيء إلى محرك الالتواء الأثير في قصص الخيال العلمي، مثل «ستار تريك»، توصلت إليه الفيزياء، لكن الطاقات الداخلة هنا ستكون شبه مساوية لتلك الداخلة في إنشاء ثقب أسود قابل للمرور عبره، وستكون هناك المشكلة نفسها المتمثلة في منع الفقاعة من الانغلاق.

لكن حتى لو كانت آلات الزمن المبنية على ثقوب سوداء كبيرة بما يكفي لنعبر خلالها ليس لها وجود، يمكن للسفر عبر الزمن أن يكون ذا أهمية كونية بالمعنى الحرفي للكلمة. وبعيدا تماما عن الثقوب السوداء الكبيرة التي سنكون في حاجة إليها لإنشاء آلة زمن ناجعة، تنص المعادلات على أن الكون قد يكون مليئا بثقوب سوداء متناهية الصغر؛ إذ يكون كل منها أصغر بكثير من الذرة. وقد تشكل هذه الثقوب السوداء بنية نسيج «الفضاء الفارغ» نفسه. ونظرا إلى ضآلتها الشديدة، لا يمكن لشيء مادي أبدا أن يسقط في مثل هذه الثقوب السوداء «المجهرية»؛ فإن كان فمك أصغر من إلكترون، فلن يكون لديك سوى أشياء قليلة جدا لتتغذى عليها. لكن إن كانت النظرية على حق، فقد توفر هذه الثقوب الدودية المجهرية شبكة اتصالات في الفراغ الفائق تربط كل نقطة في المكان والزمان بكل نقطة أخرى فيهما.

يمكن لهذا أن يكون مفيدا للغاية؛ لأن أحد ألغاز الكون العميقة يكمن في كيفية معرفة كل جزء ضئيل منه بقوانين الفيزياء. لننظر إلى الإلكترون كمثال. لكل الإلكترونات الكتلة نفسها تماما، والشحنة الكهربية نفسها. وهذا ينطبق على الإلكترونات هنا على الأرض، وتظهر الدراسات على طيف الضوء الآتي من النجوم البعيدة أنه يسري كذلك على الإلكترونات الموجودة في المجرات التي تقع على بعد مليارات السنين الضوئية منا، على الجانب الآخر من الكون. لكن كيف «تعرف» كل هذه الإلكترونات الشحنة الكهربية والكتلة اللتين ينبغي أن تحظى بهما؟ إن لم يكن هناك إشارة تستطيع السفر أسرع من الضوء، فكيف تتصل الإلكترونات الموجودة هنا على الأرض وتلك الموجودة في المجرات البعيدة بعضها ببعض وتتأكد جميعها أن لها الخصائص والسمات نفسها؟

Bog aan la aqoon