وقال: «غدا أجلس في مجمع أرشدوق النمسا، وسوف نرى ما عسى أن نفعل لبلوغ مأربنا قبل أن نلجأ إلى الرأي الأغبر، رأي رئيس المعبد.»
الفصل الحادي عشر
في بلادنا الشمالية أمر أكيد؛
قد يتميز الفرد مولدا أو شجاعة أو ثروة أو ذكاء،
ولكن الحسد الذي يتبع هذي الفضائل،
كما يتبع كلب الصيد طريق الغزال،
يهدمها جميعا واحدة بعد الأخرى.
السير دافيد لندزي
كان ليوبولد دوق النمسا الأعظم أول من تملك تلك البلاد الكريمة التي تنتمي إليها مرتبة الإمارة السامية؛ ارتفع في الإمبراطورية الألمانية إلى مرتبة الدوق لصلة رحم قريبة بينه وبين الإمبراطور هنري الحازم الشديد، وتملك تحت حكومة الإمبراطور خير الأقاليم التي يرويها الدانوب، وقد تلوث اسمه في التاريخ بسبب فعلة شنعاء، كان فيها ختال منه، نشأت عن هذه الحروب في الأرض المقدسة، وذلك هو العار الذي ارتكبه حينما زج برتشارد في السجن وهو عائد خلال أملاكه متخفيا لا تتبعه حاشية، ومع ذلك فإن هذا العمل لم يصدر عن سجية ليوبولد وطبيعته، فلقد كان أميرا إلى الضعف والعبث أقرب منه إلى الطموح والجور، وهو في قواه العقلية أشبه بصفاته الشخصية؛ كان طويل القامة، قوي البنية، تظهر على بشرته الحمرة والبياض على أشد تباين، وله شعر أشقر جميل تتدلى منه خصلات طويلة متهدلة، ولكن بمشيته نبوا كأن ليس بجسمه من النشاط والحياة ما يكفي لأن يدفع بمثل هذا الحجم الكبير، وكذلك كان يرتدي ثيابا فاخرة وكأنها لا تنسجم عليه، وكان يبدو عليه أنه لم يألف كثيرا أن يحتفظ بكرامته كأمير نبيل. ولما كان في كثير من الأحيان في حيرة من أمره كيف يفرض سلطانه ونفوذه حينما يدعو إلى ذلك داع، فكثيرا ما كان يظن أنه مضطر إلى الفعال العنيفة والألفاظ الشديدة في غير مناسبة، كي يسترد مكانة ما كان أيسر له وأوفر كرامة من أن يبقي عليها لو كان لديه قليل من الحصافة في أول الجدل.
ولم تكن هذه النقائص ليراها غيره فحسب، وإنما لم يسع الأرشدوق نفسه أحيانا إلا أن يحس إحساسا أليما بأنه لم يكن البتة جديرا بأن يفرض نفوذه ويحتفظ بالمرتبة العالية التي أحرزها، وكان يحس إلى جانب ذلك بريبة قوية - كثيرا ما كان مصيبا فيها - في أن الآخرين كانوا من أجل هذا لا يولونه إلا قليلا من الاحترام والتقدير.
Bog aan la aqoon