القائل اذا قال احسنت الي فقضيت حاجتي او قضيت حاجتي فأحسنت الي فان في الحالين المعنى واحد قال قوم انهم سألوا لمعونة على عبادة مستأنفة لاعلى عبادة واقعة منهم وانما حسن طلب المعونة وان كان لابد منها مع التكليف على وجه الانقطاع اليه كما قال: " رب احكم بالحق " ولانه قد لا يكون في ادامته التكليف اللطف ولا في فعل المعونه به الا بعد تقدم الدعاء من العبد وانما كرر اياك لان الكاف التي فيها هي كاف الضمير التي كانت تكون بعد الفعل في قوله نعبدك فلما قدمت زيد عليها أبا لان الاسم اذا انفرد لا يمكن ان يكون على حرف واحد فقيل اياك ولما كانت الكاف يلزم تكرارها لو كرر الفعل وجب مثل ذلك في اياك الا ترى انه لو قال نعبدك ونستعينك ونستهديك لم يكن بدمن تكرير الكاف وكذلك لو قدم فقيل اياك نعبد واياك نستعين وفيه تعليم لنا ان نجدد ذكره عند كل حاجة ومن قال انه يجري مجرى قول عدي بن زيد العبادي:
وجاعل الشمس مصرا(1) لا خفاء به
بين النهار وبين الليل قد فصلا
وكقول اعشى همدان:
بين الاشج وبين قيس باذخ
بخ بخ لوالده وللمولود
فكرر لفظ بين فقد اخطأ لان في البيتين لو لم تكرر بين لكان الفعل مستحيلا الا ترى انه لو قال الشمس قد فصلت بين النهار لم يكن كلاما صحيحا وكذلك البيت الآخر وليس كذلك الآية لانه لو قال اياك نعبد وسكت لكان مستقلا بنفسه ولهذا طعن به بعض المفسرين وعندي ان هذا ليس بطعن، لانه مغالطة لانه لو قال بين النهار والليل لكان كلاما صحيحا وانما كرر بين وكذلك لو قال اياك نعبد ونستعين كان كلاما صحيحا وانما كرر اياك تأكيدا والعلة ما ذكرناه اولا
---
(1) المصر: الحاجز تفسير التبيان ج1
Bogga 38