141

Tibyan

التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي

Noocyada

Fasiraadda

والتسليم انهم لايعلمون إلا ما علمهم الله.

وقوله: " سبحانك " نصب على المصدر ومعناه نسبحك وسبحانك مصدر لا ينصرف وقدمنا في ما مضى أن معنى التسبيح التنزيه ومعناه هاهنا تبريا منهم أن يعلموا الغيب واقرارا أنه المختص به تعالى دون غيره.

وقوله: " العليم الحكيم " معنى عليم أنه عالم وفيه مبالغة ومن صفات ذاته واذا كانت كذلك، افادت انه عالم بجميع المعلومات ويوصف به في ما لم يزل، لان ذلك واجب في العالم نفسه.

وقوله: " الحكيم " يحتمل امرين: احدهما - انه عالم، لان العالم بالشئ يسمى بأنه حكيم فعلى هذا يكون من صفات الذات مثل العالم وقد بيناه والثاني - ان يكون من صفات الافعال ومعنى ذلك أن افعاله محكمة متقنة صواب ليس فيها وجه من وجوه القبح ولا التفاوت ولا يوصف بذلك في ما لم يزل.

وروي عن ابن عباس انه قال: العليم الذي كمل علمه والحكيم: الذي كمل في حكمته وقد قيل في معنى حكيم: انه المانع من الفساد ومنه سميت حكمة اللجام لانها تمنع الفرس من الجري الشديد قال جرير:

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم

إني أخاف عليكم ان اغضبا

أي امنعوهم والاحكام والاتفاق والاتساق والانتظام متقاربة والحكمة نقض السفه يقال: حكم حكما واحكم إحكاما ويقال: أحكم فلان عمله إذا بالغ فيه فاصاب حقيقته والحكمة هي التي تقف بك على مر الحق الذى لا يخلطه باطل، والصدق الذي لا يشوبه كذب ومنه قوله: " حكمة بالغة "(1) والحكم بين الناس هو الذي يرضى به ليقف الاشياء مواضعها ومنه قوله: " فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها "(2) والحاكم القاضي بين الناس، وليقفهم على الحق ويقال: رجل حكيم اذا كان ذلك شانه وكانت معه اصول من العلم والمعرفة،

---

(1) سورة القمر: آية 5.

(2) سورة النساء: آية 34.

Bogga 140