مقدمة التحقيق
ألفت في العربية عدة مصنفات لتوضيح الغريب من الألفاظ الواردة في كتاب الله العزيز، وهو ما يستغلق فهمه على القارئ أو السامع، ويختلف كمّه وفق ثقافة الشخص بالعربية ومدى إلمامه بدلالة ألفاظها.
وأول ما وصلنا من مصنفات في هذا المجال رسالة لابن عباس عن طريق الرواية بالمشافهة لأن عهده لم يكن عهد تدوين. ثم تتابعت الكتب المؤلفة في هذا الموضوع حتى عصرنا هذا الذي نعيش فيه، ففي تراثنا زاد وفير وكم هائل من هذه الكتب. وقد ذكرت في مقدمة تحقيق «بهجة الأريب في بيان ما ورد في كتاب الله العزيز من الغريب» طائفة منها.
ويأتي كتابنا هذا «التبيان في تفسير غريب القرآن» بعد مرور سبعة قرون على نزول القرآن العظيم، فهو يعد من حيث الترتيب الزمني واسطة العقد لهذه المصنفات.
وفيما يلي دراسة سريعة عن هذا الكتاب تحدثت فيها عن المؤلف وعن جانب من حياته وما تركه من مصنفات. ثم تناولت الكتاب ووصفت نسخته الوحدة التي استطعت الحصول عليها، ووضحت منهجي في التحقيق. وعرّفت بالكتاب الذي اعتمد عليه المؤلف وعدّه العمدة في جمع مادته وهو «غريب القرآن للسجستاني» ثم بينت منهج ابن الهائم في عرض مادة كتابه. وبعد عرض النص محققا، أردفته بفهارس له مفصلة.
ولنبدأ بالحديث عن:
1 / 7
المؤلف «١»
حياته وجهوده العلمية
حياته:
أحمد بن محمد بن عماد بن علي شهاب الدين أبو العباس القرافي المصري ثم المقدسي الشافعي، المعروف بابن الهائم «٢» . ولد سنة ٧٥٣ «٣» وقيل سنة ٧٥٦ «٤» وذلك في أحد أحياء القاهرة المسمى القرافة الصغرى «٥» . وفي القاهرة تلقى- شأن أقرانه- تعليمه، فحفظ القرآن الكريم ودرس العلوم العربية والإسلامية. وانتظم من غير شك في حلقات الدروس التي كانت تعقد وتقام في الأزهر الشريف وإن لم تنص مراجع ترجمته على ذلك، لكن ذلك من الأمور البدهية لمن ولد في القاهرة مقر الأزهر الشريف وقضى بها مراحل عمره الأولى التي تلقى فيها تعليمه، وتكون علميّا في العلوم العربية والإسلامية وتفوق في علم المواريث والحساب تفوقا كبيرا «٦» .
_________
(١) () انظر ترجمته في:
- المقفى الكبير للمقريزي (ت: ٨٤٥) ١/ ٦٢١.
- إنباء الغمر لابن حجر (ت: ٨٥٢) ٢/ ٥٢٥.
- ذيل الدرر الكامنة لابن حجر ٢٢٣، تحقيق عدنان درويش، معهد المخطوطات العربية.
- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، لشمس الدين السخاوي (ت: ٩٠٢) ٢/ ١٥٧.
- الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل لمجير الدين العليمي (ت: ٩٢٨) ٢/ ١١٠- ١١١.
- طبقات المفسرين للداوودي (ت: ٩٤٥) ١/ ٨١- ٨٣.
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد الحنبلي (ت: ١٠٨٩) ٧/ ١٠٩.
- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، للشوكاني (ت: ١٢٥٠) ١١٧، ١١٨.
(٢) إنباء الغمر ٢/ ٥٢٥، والضوء ٢/ ١٥٧، وشذرات الذهب ٧/ ١٠٩.
(٣) الضوء ٢/ ١٥٧، وإنباء الغمر ٢/ ٥٢٥، والأنس الجليل ٢/ ١١٠، والطبقات ١/ ٨١، والشذرات ٧/ ١٠٩.
(٤) الضوء ٢/ ١٥٧، والأنس الجليل ٢/ ١١٠، والطبقات ١/ ٨٢، والبدر ١/ ١١٧.
(٥) الطبقات ١/ ٨٢.
(٦) انظر المرجع السابق.
1 / 8
أساتذته:
يذكر مؤرخو حياته أن ممن تلقى عنهم العلم ودرّسوا له طائفة ممن ذاع صيتهم وانتشرت أسماؤهم لبلوغهم درجة من العلم عالية، وذلك مثل التقي بن حاتم، والجمال الأميوطي والزّين العراقي «١»، وشيخ الإسلام سراج الدين البلقينيّ «٢» وقد صرح بذلك وهو يشرح غريب الآية ٢٢٨ من سورة البقرة في هذا الكتاب.
ثم ارتحل إلى القدس واشتغل بالتدريس والإفتاء «٣» وتولى التدريس بالمدرسة الصلاحية نيابة عن الزّين القمني «٤» .
وفي سنة ٨١٥ أحل نوروز (نائب الشام) شمس الدين الهروي الحنفي مذهبا مكان القمني، وبالتّالي الهروي مكان ابن الهائم ثم أعاد نوروز ابن الهائم «٥» إلى الصلاحية ليشارك الهروي. وظل بها حتى توفي «٦» . وكانت عودة ابن الهائم إثر ضجة مطالبة برجوعه «٧» وذلك في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمان مائة «٨»، وحددها الشّوكاني بأنها في العشر الأواخر منه «٩» . وفي طبقات المفسرين «في العشر
_________
(١) الضوء ١/ ١٥٧، والطبقات ١/ ٨٢، والبدر ١/ ١١٧، والأميوطى هو الجمال أبو إسحاق إبراهيم بن العز محمد اللخمي نسب إلى أميوط، إحدى قرى الغربية بمصر (تاج العروس- ميط)، والزين العراقي هو عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن زين الدين الشهير بالحافظ العراقي كردي الأصل. ولد في رازنان من أعمال إربل بالعراق وتنقل ما بين مصر والحجاز والشام وتوفي بالقاهرة سنة ٨٠٦ هـ. ومن كتبه: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في أحاديث الإحياء، والألفية في مصطلح الحديث وشرحها، والألفية في غريب القرآن، وذيل على العبر للذهبي. (الأعلام، وانظر: إنباء الغمر ٢/ ٢٧٥- ٢٧٩، والضوء ٢/ ١٧١- ١٧٨، وغاية النهاية ١/ ٣٨٢ وشذرات الذهب ٧/ ٥٥- ٥٧) .
(٢) طبقات المفسرين ١/ ٨٢، وهو سراج الدين أبو بكر عمر بن رسلان العسقلاني الأصل البلقيني- نسبة إلى بلقينة إحدى قرى المحلة الكبرى بالغربية بمصر- الكناني لولادته بمنية كنانة سنة ٧٥٤. وقد توفي سنة ٨٠٥ هـ (تاج العروس- بلقن، وانظر في ترجمته إنباء الغمر ٢/ ٢٤٥- ٢٤٧) .
(٣) الضوء ٢/ ١٥٧، وطبقات المفسرين ١/ ٨٢، والبدر الطالع ١/ ١١٧.
(٤) إنباء الغمر ٢/ ٥١٥، والضوء ٢/ ١٥٧، والأنس الجليل ٢/ ١١٠، وشذرات الذهب ٧/ ١٠٩.
والقمني هو زين الدين أبو بكر بن عمر بن عرفات المصري. أصله من قمن من ريف مصر، وانتقل إلى القاهرة وبها تعلم، ثم تولى التدريس بالصلاحية بالقدس، وتوفي سنة ٨٣٣ هـ (الأنس الجليل ٢/ ١١٠، وشذرات الذهب ٧/ ٢٠١) .
(٥) الإنباء ٢/ ٥٢٥، والشذرات ٧/ ١٠٩.
(٦) الإنباء ٢/ ٥٢٥.
(٧) المرجع السابق.
(٨) الشذرات ٧/ ١٠٩. [.....]
(٩) البدر ١/ ١١٧.
1 / 9
الأخير «١»» وذكر الداوودي نقلا عن ابن حجر أن الوفاة كانت في رجب من السنة نفسها «٢» .
تلاميذه:
اقتضى قيام ابن الهائم بالتدريس في المدرسة الصلاحية بالقدس وغيرها وعقد الجلسات التي كان يخصصها للوعظ والفتوى أن يكون له تلاميذ كثيرون، نذكر منهم:
١- ابنه محب الدين محمد الذي اختطفته المنية في حياته في شهر رمضان عام ٨٠٠ هجرية «٣» وقيل سنة ٧٩٨ «٤» وحزن عليه والده حزنا أليما وقد وصفه صاحب «إنباء الغمر» فقال: «وهو أذكى من رأيت من البشر مع الدين والتواضع ولطف الذات وحسن الخلق والصيانة» «٥» وذكره أبوه في كتاب التبيان ونقل عنه وهو يفسر الآيتين ٩٧، ١٢٤ من سورة البقرة.
٢- ابن حجر علامة عصره المتوفى سنة ٨٥٢ وقد لقيه في القدس وأخذ عنه. ونص على ذلك في إنباء الغمر «٦» .
٣- العماد بن شرف وكتب له إجازة «٧» .
٤- الزين ماهر «٨» .
٥- التقي القلقشندي «٩» وهو إسماعيل بن علي بن حسن القلقشندي المصري. ولد بمصر سنة اثنين وسبع مائة وبها تلقى تعليمه ثم بدمشق واستقر بعد ذلك بالقدس ودرّس بالمدرسة الصلاحية. كان عالما بالفقه والحديث وتوفي بالقدس سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، وقيل سنة سبع وسبعين «١٠» .
_________
(١) الضوء ٢/ ١٥٨، والطبقات ١/ ٨٣، وأظن أن كلمة «الأخير» محرفة عن «الأخيرة» .
(٢) الطبقات ١/ ٨٣.
(٣) الأنس الجليل ٢/ ١١١.
(٤) ذكره صاحب الإنباء في وفيات ٧٩٨ (انظر الإنباء ١/ ٥١٩) .
(٥) إنباء الغمر ١/ ٥١٩.
(٦) إنباء الغمر ٢/ ٥٢٥.
(٧) الضوء ٢/ ١٥٨.
(٨) المرجع السابق.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) إنباء الغمر ١/ ١٣٧، والشذرات ٦/ ٢٥٦، و٢٥٧، واكتفى الشذرات بالتاريخ الأول لوفاته.
1 / 10
مصنفاته:
ترك لنا ابن الهائم عشرات المصنفات التي دبجها قلمه، منها ما أنجزه في حياته، ومنها ما لم يقدر الله له أن يكملها.
أولا: فمن المؤلفات التي أكملها:
١- التبيان في تفسير غريب القرآن. وهو كتابنا الذي نقدمه للقراء.
٢- التحرير لدلالة نجاسة الخنزير (الضوء اللامع ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ١/ ٨٣، إيضاح المكنون ١/ ٢٣٣، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٣- ٥- تحفة الطلاب في نظم قواعد الإعراب لابن هشام (أرجوزة) (الضوء اللامع ٢/ ١٥٨، كشف الظنون ١٢٤، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
وقد قام المؤلف بشرح نظمه مرتين: أحد الشرحين مطول، والآخر مختصر (الضوء ٢/ ١٥٨، وطبقات المفسرين ١/ ١٢) .
٦- التحفة القدسية في أخبار الرجبية (نظم في الفرائض) (الضوء اللامع ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ١/ ٨٢، هدية العارفين ١/ ٢٠، كشف الظنون ٣٧٢ وفيه «اختصرها من الرجبية» . واسمه في الضوء اللامع، وطبقات المفسرين «النفحة القدسية» وممن شرحها زكريا الأنصاري (كشف الظنون ٣٧٢، وبروكلمان ق ٦/ ٥١٩) وكذلك سبط المارديني (بروكلمان ق ٦/ ٥١٩) وإبراهيم بن محمد المري (طبقات المفسرين ١/ ١٧) .
٧- تحقيق المعقول والمنقول في نفي الحكم الشرعي عن الأفعال قبل بعثة الرسول (الضوء ٢/ ١٥٨، طبقات المفسرين ١/ ٨٢، البدر ١/ ١٤٧ وفيه «في رفع الحكم»، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٨- ترغيب الرائض في علم الفرائض (الضوء ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ١/ ٨٢، إيضاح المكنون ١/ ٢٨٢، هدية العارفين ١/ ١٢٠، بروكلمان ق ٦/ ٥١٨، وذكر أنه علق عليه سبط المارديني وزكريا الأنصاري) .
٩- الجمل الوجيزة في الفرائض (الضوء ٢/ ١٥٧، البدر ١/ ١١٧) .
١٠- الحاوي في الحساب (كشف الظنون ٦٢٩ وذكر أنه توفي سنة ٩٢٧ كما ذكر أن أحمد بن صدقة الصديقي نظمه، وفي طبقات المفسرين في ترجمة أحمد بن
1 / 11
صدقة أنه شرحه «الطبقات ١/ ٤٥» . وذكر إيضاح المكنون «١/ ٣٩٠» شرحا له قام به زين الدين عبد القادر بن علي بن شعبان) .
١١- خلاصة الخلاصة في النحو (الضوء ٢/ ١٥٨، وطبقات المفسرين ١/ ٨٢) .
١٢- ديوان شعر (هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
١٣- رفع الملام عن القائل باستحباب القيام (الضوء ٢/ ١٥٧، إيضاح المكنون ١/ ٥٨٠، هدية العارفين ١/ ١٢٠) وهو في: طبقات المفسرين «دفع الملام ...» .
١٤- شرح الأربعين (ذكره المؤلف في هذا الكتاب عند شرح قوله تعالى: شُعُوبًا وَقَبائِلَ من الآية ١٣ من سورة الحجرات) .
١٥- شرح قطعة من المنهاج (الضوء ٢/ ١٥٧) .
١٦- شرح الياسمينية في الجبر والمقابلة (الضوء ٢/ ١٥٧، وطبقات المفسرين ١/ ٨٢، هدية العارفين ١/ ١٢٠، وفيه: شرح الأرجوزة الياسمينية) .
١٧- صيام ستة أيام من شوال (الضوء ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ١/ ٨٣) .
١٨، ١٩- الضوابط الحسان فيما يتقوم بها اللسان، ويعرف بالسماط، وقد شرحها شرحا حسنا (الضوء ٢/ ١٥٨) . واسمه في طبقات المفسرين ١/ ٨٢ «القواعد الحسان» وحققه الدكتور السيد رزق الطويل.
٢٠- غاية السول في الإقرار بالدين المجهول (الضوء ٢/ ١٥٧، الطبقات ١/ ٨٢، إيضاح المكنون ٢/ ١٣٩، هدية العارفين ١/ ١٢١) ومنه نسخة بدار الكتب المصرية كتبت سنة ٨٥٨ هـ تقع في ٦٢ ورقة.
٢١- الفصول المهمة في علم ميراث الأمة (الضوء ٢/ ١٥٧، الطبقات ١/ ٨٢، كشف الظنون ١٢٢٥، هدية العارفين ١/ ١٢٠، إيضاح المكنون ٢/ ١٩٥ وذكر أن القاضي زكريا الأنصاري شرحه) .
٢٢- القواعد المنظومة (هدية العارفين ١/ ١٢١) .
٢٣- كفاية الحفاظ «ألفية في الفرائض» (الضوء ٢/ ١٥٧، كشف الظنون ١٤٩٧، هدية العارفين ١/ ٢٨٢) .
وعليه عدة شروح أحدها للمؤلف قارب الفراغ منه وسنذكره في موضعه، وثان لسبط المارديني، وثالث لزكريا الأنصاري، وغيرها (بروكلمان ق ٦/ ٥١٩) .
1 / 12
٢٤- اللمع في الحث على اجتناب البدع (الضوء ٢/ ١٥٨، إيضاح المكنون ٢/ ٤١٠ وفيه «اللمع في اجتناب البدع») .
٢٥- اللمع في الحساب (هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٢٦- اللمع المرشدة في صناعة الغبار (الضوء ٢/ ١٥٧، الطبقات ١/ ٨٢، كشف الظنون ١٥٦٢، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٢٧- مختصر تلخيص ابن البناء والمسمى بالحاوي (الضوء ٢/ ١٥٧، هدية العارفين ١/ ١٢٠ وانظر البدر ١/ ١١٧) .
٢٨- مختصر كتاب اللمع لأبي إسحاق، في الأصول (الضوء ٢/ ١٥٨، الطبقات ١/ ٨٢، البدر ١/ ١١٧) .
٢٩- مرشدة الطالب إلى أسنى المطالب (كشف الظنون ١٦٥٥، هدية العارفين ١/ ١٢٠) ويذكر له بروكلمان عدة شروح ومختصرات لطائفة من العلماء (انظر:
بروكلمان ق ٦/ ٥١٥- ٥١٧) .
٣٠- ٣٢- المعونة في الحساب الهوائي (الضوء ٢/ ١٥٧، الطبقات ١/ ٨٢، كشف الظنون ١٧٧٣، هدية العارفين ١/ ١٢٠، معجم المطبوعات ٢٧٠) .
وقد اختصره المؤلف مرتين:
الأولى باسم الوسيلة (الضوء ٢/ ١٥٧، كشف الظنون ١٧٤٣، بروكلمان ق ٥/ ٥٢٠) .
والأخرى باسم: المبدع (الضوء ٢/ ١٥٧، الطبقات ١/ ٨٢) .
٣٣- المغرب من استحباب ركعتين قبل المغرب (الضوء ٢/ ١٥٧، الطبقات ١/ ٨٢، ٨٣، إيضاح المكنون ٢/ ٥١٩، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٣٤- المفتاح في الحساب (كشف الظنون ١٧٦٩، وهدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٣٥- ٣٧- المقنع في الجبر والمقابلة (قصيدة لامية من بحر الطويل) (الضوء اللامع ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ١/ ٨٢، بروكلمان ق ٦/ ٥١٨، هدية العارفين ١٢٠ وفيه المقنع في الهيئة) وقد قام بشرحه باسم: الممتع (الضوء اللامع ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ١/ ٨٢، هدية العارفين ١/ ١٢١ وفيه وهو شرحه الكبير) .
وشرح آخر وهو: اختصار الممتع باسم: المشرع (الطبقات ١/ ٨٢، وهدية العارفين ١/ ١٢٠) وهو عند محقق (نزهة النفوس) / ١٣ (المسرع) وهو
1 / 13
المناسب لكونه شرحا مختصرا. ويذكر المحقق أن من الكتاب مصورتين في جامعة الملك سعود. وممن قام بشرحه كذلك سبط المارديني، وزكريا الأنصاري (بروكلمان ق ٦/ ٥١٨) .
٣٨- منظومة لامية في الجبر «من بحر البسيط» (الضوء ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ١/ ٨٢) .
٣٩- نزهة النظار في صناعة الغبار (الضوء ٢/ ١٥٧، هدية العارفين ١/ ١٢٠، إيضاح المكنون ٢/ ٦٤٣، طبقات المفسرين ويذكر أنه اختصار لكتاب اللمع المرشدة، كشف الظنون ١٩٤٢، وفيه نزهة الحساب، لخصه من المرشدة في علم الغبار.
وقد شرحها عبد القادر بن محمد الفيومي (إيضاح المكنون ٢/ ٦٣٨) وغيره، (بروكلمان ق ٦/ ٥١٥) .
٤٠- نزهة النفوس في بيان حكم التعامل بالفلوس (الضوء ٢/ ١٥٧، طبقات المفسرين ٨٣، إيضاح المكنون ٢/ ٦٤٣، هدية العارفين ١/ ١٢١) .
ومنه أربع نسخ خطية بدار الكتب المصرية. وقام بتحقيقه الدكتور عبد الله ابن محمد الطريقي.
ثانيا: ومن الكتب التي لم يكملها:
١- إبراز الخفايا في فن الوصايا (الضوء ٢/ ١٥٨، الطبقات ١/ ٨٣، إيضاح المكنون ١/ ١٠، هدية العارفين ١/ ١٢٠، والبدر ١/ ١١٨ ولم يذكر أنه لم يكمله) .
٢- البحر العجاج في شرح المنهاج (منهاج الطالبين للنووي) (الضوء ٢/ ١٥٨، طبقات المفسرين ١/ ٨٣، إيضاح المكنون ١/ ١٦٥، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٣- تحرير القواعد العلائية وتمهيد المسالك الفقهية (الضوء ٢/ ١٥٨، الطبقات ١/ ٨٣، إيضاح المكنون ١/ ٢٣٣، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٤- تعاليق على مواضع من الحاوي (الضوء ٢/ ١٥٨، الطبقات ١/ ٨٣) .
٥- تفسير (الضوء ٢/ ١٥٨، البدر الطالع ١/ ١١٨، الطبقات ١/ ٨٣ وذكر أنه قطعة وصل تفسيره إلى قوله تعالى فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها الآية ٣٦ من سورة البقرة) .
٦- شرح الجعبرية في الفرائض (الضوء ٢/ ١٥٨، والطبقات ١/ ٨٣) .
٧- شرح الكفاية (الضوء ٢/ ١٥٨، والطبقات ١/ ٨٣ وذكر أنه قارب الفراغ منه) .
٨- العجالة في حكم استحقاق الفقهاء أيام البطالة (الضوء ٢/ ١٥٧، الطبقات ١/ ٨٣
1 / 14
وذكر أنه لم يكمله، الأنس الجليل ٢/ ١١١، كشف الظنون ١١٢٥، هدية العارفين ١/ ١٢٠) .
٩- العقد النضيد في تحقيق كلمة التوحيد (الضوء ٢/ ١٥٨، الطبقات ١/ ٨٣، البدر ١/ ١١٨ وذكر الثلاثة أنه كتب منه ٣٠ كراسة، إيضاح ٢/ ١١١، الهدية ١/ ١٢٠) .
هذا وقد وردت أسماء بعض هذه الكتب غير متطابقة في المراجع التي ذكرتها وهي اختلافات طفيفة وسبق أن أشرت إلى بعضها.
ومن عرضنا هذا لمؤلفاته- أو جلها بعبارة أدق- نرى عالما متعدد الجوانب، له مشاركة في كثير من العلوم العربية والإسلامية، فهو فقيه ونحوي ورياضي. كان علّامة في الرياضيات ومبرزا فيها. ونلحظه مع بعض مصنفاته يؤلفها ثم يختصرها وقد يشرحها، بل وقد يشرح المصنّف أكثر من مرة، يسهب في إحداها ويوجز في أخرى. ومرد ذلك اشتغاله بالتدريس، فكان يوجز أو يطنب وفق نوعية التلاميذ ومستواهم العلمي.
ومجمل القول إن ابن الهائم نذر حياته لخدمة دينه، تارة بالموعظة الحسنة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وتارة بالتدريس وتكوين جيل جديد من العلماء يواصلون السير في خدمة دينهم ويتابعون نهج أسلافهم في إعلاء شأنه، وكذلك بتصنيف المؤلفات العديدة، وهي تندرج تحت علوم أربعة: الفقه والتفسير والنحو والرياضيات بالمعنى المتعارف عليه اليوم. وقد كان في الرياضيات بمكان عال، ذا قدم راسخة وباع طويل في وقت ندر فيه من كانوا يولونه أدنى اهتمام. وهذا يذكرني بالشيخ حسن الجبرتي والد المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتي الذي عاش بعد ابن الهائم بنحو قرنين ونصف، فقد ذكر الجبرتي أن أحمد باشا الوالي التركي المعروف بكور وزير (غرة المحرم ١١٦٢ هـ- ١٠ من شوال سنة ١١٦٣ هـ) كان من أرباب الفضائل وله رغبة في العلوم الرياضية لمّا وصل مصر وقابله أكابر العلماء في ذلك الوقت وعلى رأسهم شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشبراوي ناقشهم وباحثهم. وعند ما تطرق إلى الرياضيات أحجموا جميعا وقالوا: لا نعرف هذه العلوم، ولم يجد شيخ الأزهر غير الشيخ حسن الجبرتي يعرف هذه العلوم فقدمه للباشا فأعجب به ولازمه مدة من الزمن «١» يقول الجبرتي المؤرخ: «وكان المرحوم الشيخ عبد الله الشبراوي
_________
(١) عجائب الآثار ١/ ١٩٣، ١٩٤.
1 / 15
كلما تلاقى مع المرحوم الوالد يقول له: سترك الله كما سترتنا عند هذا الباشا، فإنه لولا وجودك كنا جميعا عنده حميرا «١» .
ونقف بعد هذا مع كتابنا الذي نقدمه، وهو:
كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن
نص ابن الهائم على اسم هذا الكتاب في المقدمة الموجزة التي صنعها له، وورد اسم الكتاب معزوّا لمصنفه في عدة كتب «٢» .
ومما يؤكد نسبة الكتاب لصاحبه أنه ذكر فيه أشخاصا أخذ عنهم وتربطه بهم صلة وطيدة. من هؤلاء ابنه محمد الذي مات في حياته وأخذ عنه من كتابه «الغرر المضية» عند تفسير اللفظ القرآني لِجِبْرِيلَ في الآية ٩٧ من سورة البقرة، وقوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ في الآية ١٢٤ من سورة البقرة أيضا.
وصف المخطوط:
لم أعثر إلا على نسخة وحدة مخطوطة لهذا الكتاب تحتفظ بها دار الكتب المصرية تحت رقم ٨٤ تفسير، تقع في ٧٦ ورقة، بكل صفحة ٢٥ سطرا، وفي السطر نحو ١١ كلمة، كتبت سنة ١١٣٠ هـ بخط نسخي ممتاز بقلم علي بن عاشور بن عبد الكريم البرلسي أصلا الاتكاوي مولدا. وفي الحاشية بعض عبارات وألفاظ بخط المتن نفسه، بعضها سقط من الناسخ فاستدركه بالهامش.
والكلمات في النسخة واضحة إلا في بعض المواطن وخاصة في الأوراق الأولى. ويبدو أن ذلك بسبب أرضة ألمت بها أو رطوبة أصابتها مما جعل بعض العبارات يصعب قراءتها. وهناك بعض العبارات الواردة في الحاشية في النسخة كلها- وليس في الصفحات الأولى منها فقط- بترت منها كلمات أو حروف، وقد يكون مرجع ذلك إلى عدم الدقة في تصوير الفيلم لأن دار الكتب لا تمكّن من الاطلاع على أصل المخطوطات وتكتفي بالاعتماد على الفيلم.
_________
(١) المرجع السابق ١/ ١٩٤.
(٢) من هذه الكتب: طبقات المفسرين ١/ ٨٣، والضوء اللامع ٢/ ١٥٨، والبدر الطالع ١/ ١١٨، وإيضاح المكنون ١/ ٢٢٣، وهدية العارفين ١/ ١٢٠، وبروكلمان ق ٦/ ٥٢١. [.....]
1 / 16
ونلاحظ أن هذه النسخة تحافظ على ضبط الألفاظ القرآنية ومنها التي قرأ بها أبو عمرو مخالفة قراءة حفص عن عاصم.
وفيما يلي عنوان الكتاب كما سجل على الغلاف مكتوبا على شكل مثلث مقلوب:
«كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن، تأليف الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام وبركة الأنام العالم العامل الرباني شهاب الدين أحمد بن محمد الهائم الشافعي المصري ثم المقدسي، تغمده الله برحمته ونفعنا والمسلمين ببركته آمين آمين»، وكتب تحته تمليكان فيهما كلمات يعسر قراءتها. وهما- كما أرى- على النحو التالي:
الوارد في الجهة اليمنى:
«من زاوية ابن العربي تفسير نمرة ١٢ حرف ت» والوارد في الجهة اليسرى:
«هذه النسخة ضمن مجلد موضوعات على القاري في أصول الحديث ص ٣ ميم» .
وبعد أن انتهى المصنف من عرض الألفاظ القرآنية وفق ترتيب المصحف ختم كتابه بفوائد وتنبيهات تكلم فيها عن السجستاني مؤلف غريب القرآن، ونقل رأي التبريزي الذي يرى أنه «عزيز» بالراء في آخره وأن النطق بالزاي تصحيف، وكذلك تكلم عن منهجه في ذكر الكلمات الغريبة وعدم تكراره ما سبق وروده في سور أو آيات سابقة.
حول عنوان الكتاب:
هذا الكتاب ألفه ابن الهائم حاشية على كتاب غريب القرآن للسجستاني، وعنونه باسم «التبيان في تفسير غريب القرآن» . وكلمة «تبيان» مصدر من بيّن بمعنى وضّح «١» . ووروده بكسر أوله شاذ. جاء في الصحاح (بين): «والتّبيان مصدر، وهو شاذ لأن المصادر إنما تجيء على التّفعال بفتح التاء نحو التّذكار والتّكرار والتّوكاف، ولم يجئ بالكسر إلا حرفان وهما: التّبيان والتّلقاء» .
_________
(١) التاج: (بين) .
1 / 17
ونقل الزبيدي في التاج (بين) عن شيخه الفاسي صاحب «إضاءة الراموس» مصدرا ثالثا وهو التّمثال «مصدر مثّلث الشيء تمثيلا وتمثالا» كما نقل رابعا عن درة الغواص وهو «تنضال» «١» وخامسا عن الشهاب الخفاجي في شرح الدرة وهو «تشراب» وذكر فيه الفتح أيضا «٢» .
وذكر الجواليقي بعض هذه المصادر وزاد عليها التّيفاق بمعنى الهلاك «٣» .
السجستاني صاحب تفسير غريب القرآن:
إذا كان ابن الهائم مصنف هذا الكتاب قد اتخذ من كتاب السجستاني أصلا لكتابه فعدّه كالمتن له، يعرض اللفظ القرآني الوارد عنده وتفسيره له، ثم يعقب أو يستدرك عليه ألفاظا لم يتناولها، فحريّ بنا أن نعرّف به.
لم تسعفنا كتب التراجم بترجمة مسهبة وافية عنه على الرغم من شهرة كتابه وذيوع انتشاره وكثرة تداوله. وكل ما قيل عنه إنه:
أبو بكر محمد بن عزيز العزيزي السجستاني «٤» أديب مفسر كان من تلاميذ أبي بكر بن الأنباري. عاش في بغداد، وكان يؤدب أولاد العامة. ويذهب إلى جامع المدينة كل جمعة «٥» . وفيما يتصل بكلمة سجستاني يقول ابن النجار: «ولا أدري قدم إلى سجستان أو أصله منها» «٦» وكان أديبا صالحا فاضلا «٧» متواضعا «٨» .
واشتهر بكتابه «تفسير غريب القرآن» الذي أطلق عليه أيضّا «نزهة القلوب»
_________
(١) درة الغواص ٨٨.
(٢) شرح درة الغواص للخفاجي ١٨٦.
(٣) شرح أدب الكاتب للجواليقي ٤١٢.
(٤) () انظر في ترجمته:
- خاتمة التبيان لابن الهائم.
- تاريخ الإسلام ٩/ ٣٨٤.
- بغية الوعاة ١/ ١٧١.
- طبقات المفسرين للداوودي ٢/ ١٩٣، ١٩٤.
(٥) خاتمة التبيان لابن الهائم، نقلا عن ابن خالويه.
(٦) تاريخ الإسلام ٩/ ٣٨٤.
(٧) تاريخ الإسلام ٩/ ٣٨٤، وطبقات المفسرين ٢/ ١٩٤.
(٨) طبقات المفسرين ٢/ ١٩٤.
1 / 18
- وسنعرض لذلك فيما بعد- الذي قيل إنه ألفه في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه ابن الأنباري «١» ويصلح له فيه مواضع «٢» ومات سنة ٣٣٠ هـ «٣» .
الاختلاف في اسم عزيز:
اختلف المترجمون للسجستاني وكذلك العلماء المتخصصون في ضبط الأعلام في الحرف الأخير من «عزير» أهو بالزاي أم بالراء.
قالت طائفة إنه بالراء فقط وأخرى قالت إنه بالزاي. ولابن حجر دراسة موعبة في «تبصير المنتبه» عن هذا الموضوع وفيمن قال إنه بالراء أو بالزاي في آخره «٤»، وأورد الزبيدي كلامه وزاد نقولا من غيره في مادة (عزز) بتاج العروس. ويذكر الزبيدي أن هناك رسالة مستقلة في هذا الموضوع ألفها الحافظ أبو الفضل ابن ناصر السلامي.
ويتلخص ما كتبه الزبيدي أن البغداديين يقولون إنه بالراء، ومنهم الحافظ ابن ناصر وابن نقطة وابن النجّار وأبو محمد بن عبيد الله وعبد الله بن الصّباح البغدادي، وتبعهم من المغاربة الصدفي وأبو بكر بن العربي والعبدري والقاسم التّجيبيّ. وذكر طائفة ممن قالت إنه بالزاي فنسب ذلك إلى الدارقطني وعبد الغني والخطيب وابن ماكولا.
ونقل الزّبيدي من حجج من قال إنه بالراء أن جماعة منهم ابن نقطة ذكر أنه رأى نسخة عند شخص معين حدده مكتوب عليها أنها لمحمد بن عزيز أو بخط ابن عزير، بالراء في آخره.
وأما الفريق الآخر الذي يرى أنه بالزاي فحجة بعضهم أن الكاتب قد يذهل عن نقط الزاء فتصير راء، وحجة غيرهم أنه قد يكون فوقها نقطة فجعلها بعض من لا يميّز علامة الإهمال.
وكونه بالزاء هو الذي مال إليه الزبيدي وارتضاه «٥» .
_________
(١) بغية الوعاة ١/ ١٧١، وطبقات المفسرين للداوودي ٢/ ١٩٤.
(٢) تاريخ الإسلام ٩/ ٣٨٤، وطبقات المفسرين ٢/ ١٩٤.
(٣) بغية الوعاة ١/ ١٧١، وطبقات المفسرين ٢/ ١٩٤، والتاج (عزز) .
(٤) تبصير المنتبه ٩٤٨- ٩٥٠.
(٥) انظر التاج (عزز) . [.....]
1 / 19
على أن ممن قال إنه بالراء علل ذلك بأنه من بني عزرة «١» وردّ ذلك بأن القياس فيه العزري لا العزيري «٢» .
وقد نبهني الأستاذ الدكتور رمضان عبد التواب- ﵀ إلى أن أحد تلاميذه حقق هذا الاسم وانتهى إلى أنه «عزير» بالراء المهملة وذلك لأنه كان يهوديّا يسمى عزرا، فلما هداه الله إلى الإسلام غير اسمه من عزرا إلى عزير.
هذا وقال بعضهم إنه نطق بالحرفين فقيل عزير وعزيز «٣» .
منهج السجستاني في ترتيب الألفاظ:
انتهج علماء غريب القرآن في ترتيب الألفاظ التي انتخبوها نهجين رئيسين وهما:
الأول- وفق ترتيب الآيات في المصحف، وذلك مثل مجاز القرآن لأبي عبيدة، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة، وغريب القرآن لعبد الله بن يحيى بن المبارك، وبهجة الأريب في بيان ما في كتاب الله العزيز من الغريب للمارديني، والتبيان لابن الهائم وهو هذا الكتاب موضوع التحقيق.
الثاني- حسب الترتيب الهجائي، وهذا الأخير كان ذا طرائق قددا:
أ- فمنهم من راعى آخر الكلمة، فرتب على أساسه، وذلك وفق ترتيب الجوهري للصحاح ومن تبعه كابن منظور في «لسان العرب» والصّغاني في «العباب» والفيروزآبادي في «القاموس المحيط» . وقد سار على هذا النهج محمد بن أبي بكر الرّازي، يقول حاجي خليفة عن كتابه هذا: «ورتب ترتيب الجوهري» وقد قام بتحقيقه الدكتور عبد الله عبد الرحمن بكلية الآداب بجامعة الكويت.
والمعروف أن الرازي هذا اختصر الصحاح محافظا على ترتيبه وسماه مختار الصحاح.
ب- ومنهم من لاحظ أول الكلمة، وهؤلاء لم يسيروا وفق منهج معين:
_________
(١) الأنساب ٤/ ١٨٨.
(٢) طبقات المفسرين ٢/ ١٩٣.
(٣) تاريخ الإسلام ٩/ ٣٨٤.
1 / 20
١- فمنهم من راعى جذر الكلمة مثل الهروي في كتابه الغريبين.
٢- ومنهم من نظر إلى الشكل الخارجي للكلمة دون مراعاة لأصلها الاشتقاقي كالسجستاني في كتابه غريب القرآن.
وهذا الكتاب هو الذي يعنينا من بين كتب غريب القرآن لأن ابن الهائم اتخذه أساسا لكتابه التبيان.
وفيما يلي وقفة مع منهجه في ترتيب الغريب الذي أورده في كتابه.
مع السجستاني في ترتيب غريب القرآن:
المنهج الذي اتبعه السجستاني في عرض غريب القرآن أنه رتب الألفاظ القرآنية ترتيبا هجائيّا وفق الشكل الخارجي للكلمة دون مراعاة للأصل الاشتقاقي، فمثلا:
تُدْهِنُ ورد في التاء وفَيُدْهِنُونَ في حرف الياء. ومراعاة الأصل الاشتقاقي يقتضي أن يكونا في حرف الدال (دهن) .
ثم قسم كل حرف إلى ثلاثة أقسام: المفتوح يليه المضموم وينتهي بالمكسور، ففي باب الكاف المفتوحة مثلا يضع كَبُرَ (الصف ٣) ويضع الْكُبَرِ (المدثر/ ٣٥) في باب الكاف المضمومة ويضع كِبْرٌ (غافر ٥٦) في باب الكاف المكسورة، ثم يرتب كل صنف (المفتوح والمضموم والمكسور) وفق ترتيبه في المصحف، فما يبدأ مثلا بالراء المكسورة في سورة آل عمران يسبق ما يبدأ بالراء المكسورة في سورة النساء، وما يرد في الآية العشرين مثلا بإحدى السور يسبق ما يرد في الثلاثين من السورة نفسها حتى وإن كان الحرف الثاني من الآية الأخيرة يسبق ما في الآية المتقدمة من حيث الترتيب الهجائي. وإن لكل من المنهجين مزاياه فالمرتب وفق ترتيب المصحف لا يجهد الباحث نفسه في العثور على بغيته وإنما يسير مع الكلمة حيث ترد في موقعها من سورتها. ولكن هناك كلمات تكررت في القرآن بنفس المعنى في المواضع التي وردت بها ومن عادة المؤلفين ألا يذكروها إلا في أول ورودها، فلو كان القارئ يقرأ الكلمة في السورة المتأخرة في الترتيب وليس له حظ من حفظ كتاب الله فإنه لا يصل إلى بغيته بسهولة إلا إذا استعان بمعجم لألفاظ القرآن. ومثال ذلك قوله تعالى فُرِجَتْ التي وردت في الآية التاسعة من سورة المرسلات والتي وردت أيضا في الآية السادسة من سورة ق، فالقارئ لسورة
1 / 21
المرسلات لا يجد مراده في غريب هذه السورة لوروده في سورة ق ومثال ذلك أيضا الكلمة القرآنية مَواخِرَ التي ذكرت في سورة فاطر بالآية الثانية عشرة، فإن الباحث لا يجد مراده في تفسير غريب هذه السورة لأنها سبقت في الآية الرابعة عشرة من سورة النحل.
أما المرتب وفق النظام الهجائي فيسهل عليه الوصول إلى اللفظ المراد تفسيره بشريطة أن يكون على دراية بنهج مؤلفه في الترتيب.
ونلاحظ على السجستاني بالنسبة لعرضه أيضا:
١- يذكر جزءا من آية، أي كلمة أو عدة كلمات، ونجده في الحالة الأخيرة يفسر الكلمة الغريبة من هذه الكلمات ويحدد موضع الآية وترتيبها في كتابه وفقا لشكل الكلمة التي يفسرها وليس وفقا لأول لفظ ورد في الآية، ومثال ذلك الْكِبْرِياءُ في قوله تعالى وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ [التوبة الآية ٨٧] فهو يضع الآية في الكاف المكسورة تبعا للكلمة التي يفسرها.
٢- عدم الالتزام أحيانا بصورة اللفظ كما ورد في المصحف، فمن ذلك: الْقُرْآنُ [البقرة ١٨٥]، الْإِنْجِيلَ [آل عمران ٣]، بِالْإِفْكِ [النور ١١]، الْأَيامى [النور ٣٢]، الْأَعْجَمِينَ [الشعراء ١٩٨]، أَقْواتَها [فصلت ١٠]، بِالْأَحْقافِ [الأحقاف ٢١]، الْأُخْدُودِ [البروج ٤] فقد كتبت في النزهة:
قرآن، إنجيل، إفك، أيامى، أعجمين، أقوات، أخدود (انظر النزهة ١٥٩، ٣٢، ٣٥، ١٦، ١٧، ٢٠، ٣٠) .
٣- السهو عن ذكر بعض الألفاظ القرآنية وفق ترتيب المصحف وذلك داخل الترتيب الهجائي الذي انتهجه المؤلف، من ذلك:
أ- قدّم فَاصْفَحْ عَنْهُمْ من سورة الزخرف، الآية ٨٩، على الْغَوْا فِيهِ وهي من سورة فصلت، الآية ٢٦.
ب- قدم حَبَّ الْحَصِيدِ من سورة ق الآية ٩ على حَمِيَّةَ من الآية ٢٦ من سورة الفتح.
ولعل السبب في هذا الخلل أن اللفظ الذي وضع في غير مكانه سقط من
1 / 22
إحدى النسخ فاستدركه الناسخ في الحاشية فجاء ناسخ آخر نقل عن هذه النسخة فوضعه سهوا في غير مكانه.
٤- هناك ألفاظ لم يفسرها في موضعها من الترتيب الهجائي الذي اتخذه وسار عليه وإنما فسرها مع لفظ آخر قرآني ورد مقترنا به على الرغم من اختلاف كل منهما في الترتيب الهجائي، من ذلك:
أ- فَرْشًا الوارد في حَمُولَةً وَفَرْشًا من سورة الأنعام الآية ١٤٢ كان المتوقع تفسيره في الفاء المفتوحة لكنه فسره في الحاء المفتوحة مع (حمولة) .
ب- مَقِيلًا، الوارد في أَحْسَنُ مَقِيلًا في الآية الخامسة من سورة الفرقان فسر في الألف المفتوحة مع (أحسن) وكان الظن أن يفسر في الميم المفتوحة.
ج- سائِبَةٍ، ووَصِيلَةٍ، وحامٍ في الآية ١٠٣ من سورة المائدة. كان المفروض أن تفسر الأولى في السين المفتوحة والثانية في الواو المفتوحة والثالثة في الحاء المفتوحة لكنه فسرها كلها في الباء المفتوحة مع بَحِيرَةٍ.
على أن هناك ألفاظا فسرها في غير موضعها بالإضافة إلى تفسيرها في موضعها مثل كلمة مَبْثُوثَةٌ التي فسرها في الزاي المفتوحة مع زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ من الآية ١٦ من سورة الغاشية. وفسرها كذلك في الميم المفتوحة وفق ترتيبها الهجائي.
السجستاني وقراءة أبي عمرو:
وبالنسبة للألفاظ القرآنية التي حرص على ذكرها وفق الرسم المصحفي لاحظت أنه لم يراع قراءة حفص عن عاصم التي اتبعت في كتابة المصحف الشائع الآن في الشرق العربي، وإنما كتبت وفق قراءة أبي عمرو. ولا عجب في أن يلجأ إلى هذه القراءة ويترك قراءة حفص عن عاصم، لأنها القراءة التي كانت شائعة في ذلك الحين في مصر والشام كما يذكر ابن الجزري «١» وأعتقد أنها كانت أيضا شائعة في العراق موطن السجستاني ذلك لأن أبا عمرو عاش في البصرة وكان إمام القراءة بها ومات
_________
(١) النشر ١/ ٤١، وانظر: أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي (أبو عمرو بن العلاء) للدكتور عبد الصبور شاهين.
1 / 23
بالكوفة سنة ١٥٤ «١»، ومن غير شك انتشرت قراءته في البصرة وانتشرت كذلك في المدن القريبة منها كبغداد التي أقام بها السجستاني كما ذكرنا في ترجمته.
ونجد أنه وفق قراءة أبي عمرو هذه فسر كثير من العلماء الألفاظ القرآنية، وقد لاحظت ذلك في كتاب «بهجة الأريب» للمارديني من خلال تحقيقي له، كما لاحظته من خلال اطلاعي على غريب القرآن لعبد الله بن يحيى بن المبارك.
وممن سار على هذا الدرب زين الدين محمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي المتوفى بعد سنة ٦٦٨ في كتابه «غريب القرآن» . والرازي هذا من الريّ وزار مصر والشام.
وقد لاحظت أن كل طبعات كتاب السجستاني التي اطلعت عليها لم تلتزم بقراءة أبي عمرو وإنما كتبت الألفاظ القرآنية حسب قراءة حفص عن عاصم التي روعيت في طباعة المصحف المتداول في بلاد المشرق العربي بدءا بمصر غربا، إلا إذا تعارض ذلك مع تقسيم المؤلف لأوائل الألفاظ فتحا أو ضمّا أو كسرا، وذلك مثل نَسْيًا في الآية ٢٣ من سورة مريم التي وضعها في النون المكسورة وهي في المصحف المتداول في المشرق بالنون المفتوحة وفق قراءة حفص عن عاصم، وفَيُسْحِتَكُمْ في الآية ٦١ من سورة طه التي وضعها في الياء المفتوحة موافقة لقراءة أبي عمرو وهي في المصحف المتداول في المشرق وفق قراءة حفص عن عاصم بضم الياء وكسر الحاء فَيُسْحِتَكُمْ.
وقد لاحظ هؤلاء الناشرون قراءة أبي عمرو أيضا عند اختلاف الحرف الأول وذلك مثل أُقِّتَتْ من الآية ١١ من سورة المرسلات، فقد عالجوها في حرف الواو المضمومة تبعا للمصنف الذي راعى قراءة أبي عمرو.
على أن السجستاني قد خالف نهجه أحيانا فلم يبدأ بقراءة أبي عمرو، وهذا في كلمات قليلة جدّا، ونلاحظ ذلك عند ما يعرض كلمة وينص على أنها بقراءتين، يتبين لنا أن إحداهما لأبي عمرو، من ذلك ننشرها ونُنْشِزُها في الآية ٢٥٩ من سورة البقرة، فقد بدأ بالصيغة الزائية وهي ليست قراءة أبي عمرو الرائية التي أخرها.
ومن ذلك أيضا تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وتَنْبُتُ بِالدُّهْنِ في الآية ٢٠ من سورة المؤمنون
_________
(١) التيسير في القراءات السبع ٤.
1 / 24
فقد وضعها السجستاني في التاء المفتوحة مخالفا قراءة أبي عمرو التي هي بالتاء المضمومة.
وأعتقد أن عددا من علماء التفسير فسروا كتاب الله وفق قراءات معينة غير قراءة حفص لكن الناشرين في البلدان التي تسود فيها قراءة حفص عن عاصم راعوا- في الغالب- كتابة الألفاظ القرآنية وفق هذه القراءة. وقد طبعت دار الكتب المصرية تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) وجاء في صدر الطبعة الثالثة الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب أن القرطبي فسر القرآن وفق قراءة نافع، ولكن الهيئة راعت في كتابة الآيات القرآنية المصحف المطبوع في دار الكتب حسب قراءة عاصم براوية حفص «١» .
وممن تنبه إلى طبع تفسير للقرآن وفق القراءة التي التزم بها المفسر «دار إحياء الكتب العربية» لصاحبها عيسى الحلبي وشركاه سنة ١٩٢٥ وهي تطبع تفسير القرآن الكريم للجلالين المحلي والسيوطي، فقد دونت على غلافه أنها راعت ضبط القرآن الكريم بالشكل التام حسب رواية الشيخين المفسرين وإن كانت تخالف رواية حفص أحيانا.
طبعات النزهة:
إن تأليف هذا الكتاب في صورة مشرقة بهجة من حيث الصحة في تفسيراته والسهولة واليسر في ترتيبه جعلت الناس يقبلون عليه، يستشيرونه وهم يتلون كتاب الله ويتدارسونه، فانتشر بين الخاصة والعامة. وتضم المكتبات العامة والخاصة مئات النسخ منه، وفي دار الكتب المصرية وحدها- مضموما إليها المكتبات الملحقة بها كالتيمورية وطلعت- أحصيت ٢١ (إحدى وعشرين) نسخة تحمل اسم نزهة القلوب، و٣ ثلاث نسخ باسم غريب القرآن ونسخة باسم تفسير غريب القرآن، ونسخة بعنوان «مختصر نزهة القلوب» . هذا بالإضافة إلى نسخة تحمل اسم «تفسير غريب القرآن» برقم ١٦٣ تفسير، دون على غلافها أنها للسجستاني وبالاطلاع عليها تبين لي أنها ليست له، فهي مرتبة وفق ترتيب المصحف، والمادة العلمية التي تشتمل عليها أكثر غزارة من مادة كتاب السجستاني. حقيقة إنها تضمنت بعض العبارات الواردة عنده،
_________
(١) انظر مقدمة الجزء الأول من القرطبي ص ٢.
1 / 25
ولكن هذا شيء طبعي لأن كتب التفسير ينقل بعضها عن بعض، فقد يكون مؤلفها رجع إلى كتاب السجستاني أو إلى مصدر من مصادره أو إلى كتاب أخذ عنه. هذا واسم مؤلف هذه النسخة غير مدون لا في صدرها ولا في خاتمتها.
وإذا كان لظهور المطبعة أثر ضخم في نشر تراثنا وتيسير الاطلاع عليه، فقد كان لتفسير غريب القرآن للسجستاني حظ من النشر عظيم، فقد طبع عدة مرات أقدمها على ما أعتقد النسخة التي طبعت على هامش تفسير القرآن الكريم المسمى «تبصير الرحمن وتيسير المنان» لعلي بن أحمد المهايمي في مطبعة بولاق سنة ١٢٩٥ هـ، وتوالت الطبعات بعد ذلك فنجده ينشر على هامش تفسير ابن كثير في «أره» سنة ١٣٠٧ هـ والقاهرة ١٣٢٥ «١» وينشره محمد بدر الدين النعساني في مطبعة السعادة بالقاهرة سنة ١٣٢٥ هـ «٢» . وقام الشيخ مصطفى عناني بنشره مرتين: الأولى سنة ١٣٤٢ هـ (أي نحو سنة ١٩٢٣ م) والأخرى سنة ١٣٥٥ هـ (١٩٣٦ م) وكلاهما طبع بالمطبعة الرحمانية بالخرنفش بالقاهرة. والطبعتان متماثلتان في كل شيء عدا اختلاف ترقيم الصفحات نتيجة صف الحروف مرة أخرى.
ونشرته كذلك مطبعة محمد علي صبيح سنة ١٣٨٢ هـ (١٩٦٣ م) وكتبت على غلافه: «عني بتصحيحه وترقيمه وضبط ألفاظه وتعليق حواشيه لجنة من أفاضل العلماء» . ثم طبعته دار الرائد العربي في بيروت بلبنان وكانت الطبعة الثالثة سنة ١٤٠٢ هـ (١٩٨٢ م) وهي الطبعة التي اعتمدت عليها في تحقيق التبيان، فإذا ذكر في الحواشي «النزهة» أو «مطبوع النزهة» فإنني أعني هذه الطبعة. ولقد تبين لي أنها صورة طبق الأصل من الطبعة الثانية التي نشرها الشيخ مصطفى عناني من حيث الضبط والهوامش وأرقام الصفحات وبداياتها ونهاياتها ما عدا صفحة العنوان التي غيرتها الرائد مكتفية باسم الكتاب والمؤلف.
والشيخ العناني عالم لغوي كان يدرّس بدار العلوم، ثم اختير المفتش الأول للعلوم العربية بالمعاهد الدينية الأزهرية. وكان مبرزا في العلوم العربية والإسلامية ويشهد له بهذه المكانة أنه قبل عشرين عاما من نشر هذا الكتاب تولى تصحيح طبعة القاموس المحيط التي نشرتها المطبعة المصرية الحسينية سنة ١٣٣٢ هـ (١٩١٣ م)
_________
(١) تاريخ التراث العربي ١/ ٧٥.
(٢) انظر معجم المطبوعات ١٠٠٨.
1 / 26