فيا اتق الله ولا تجر على عباد الله كل هذا الجور فرقى الحجاج المنبر وكان فصيحًا فقال أيها الناس إن الله سلطني عليكم بأعمالكم فإن أنا مت فلا تخلصون من الجور مع هذه الأعمال السيئة فإن الله تعالى خلق أمثالي كثيرًا وإذا لم أكن أنا كان من هو أكثر من. قال الشاعر:
وما مِن يدٍ إلا يدُ اللهِ فوقَها ... ولا ظالمُ إلا سيُبلى بأظلمِ
حكمة: سئل بزرجمهر أي الملوك أطهر فقال من أمنه الطاهرون وخاف منه الخطاؤؤن. وأما السلطان الذي لا سياسة له فليس له في أعين الناس خطر ولا محل بل يكون الخلق عليه ساخطين ثم يذكرونه كل وقت بالقبيح ألا ترى أن الإنسان إذا كان من عوام الولاية وتولى عليها وأراد أن يطلب الحساب من الرعية أول ما يكلمهم بالهيبة ويظهر جاهه بالسياسة لعلمه أن الرعية إنما ينظرونه بالعين الأولى.
وفي هذا الباب حكاية عجيبة كان لأبي سفيان بن الحارث ولد وكان يدع زياد بن أبيه وكان قد ولد في أيام الجاهلية ونفاه وتبرأ منه وقال ما هو لي بولد فلما وصل الأمر إلى معاوية قربه وأدناه وولاه ولاية العراق فلما وصل إلى العراق وجد أهل العراق قومًا عابثين يفسدون ويسرقون فقصد زيارة المسجد الجامع ورقى المنبر وخطب خطبة ثم قال بعد خطبته والله لئن خرج أحد بعد العشاء الآخرة لآخذن رأسه عن جسده فليعلم الشاهد الغائب. ثم أمر مناديًا بذلك ثلاثة أيام فلما كان في الليلة الرابعة خرج زياد وقد مضى من الليل ثلثه فركب وجعل يطوف محال البلد فرأى إعرابيًا ومعه غنم له وهو قائم فسأله زياد ما تصنع هاهنا فقال أتيت مساء ولم أجد موضعًا أستقر فيه فنزلت مكاني إلى أن أصبح وأبيع غنمي فقال له زياد أنا أعلم إنك صادق وأن أطلقتك خفت أن يذيع الخبر عني أن زيادًا يقول ما لا يفعل فتفسد سياستي وتنكسر هيبتي والجنة خير لك مما هنا ثم ضرب عنقه وجعل يسير فكل من رآه ضرب عنقه وحز رأسه فلما أصبح من الغد كان قد أخذ رؤوس ألف وخمسمائة رجل ثم جعلها على باب داره مثل البيدر فتهوله
1 / 63