Daawada Nabiga
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Daabacaha
دار الهلال
Lambarka Daabacaadda
-
Goobta Daabacaadda
بيروت
قَالَ مَنْ رَجَّحَ الْغَيْثَ الشِّتْوِيَّ: حَرَارَةُ الشَّمْسِ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَقَلَّ، فَلَا تَجْتَذِبُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ إِلَّا أَلْطَفَهُ، وَالْجَوُّ صَافٍ وَهُوَ خَالٍ مِنَ الْأَبْخِرَةِ الدُّخَانِيَّةِ، وَالْغُبَارِ الْمُخَالِطِ لِلْمَاءِ، وَكُلُّ هَذَا يُوجِبُ لُطْفَهُ وَصَفَاءَهُ، وَخُلُوَّهُ مِنْ مُخَالِطٍ.
قَالَ مَنْ رَجَّحَ الرَّبِيعِيَّ: الْحَرَارَةُ تُوجِبُ تَحَلُّلَ الْأَبْخِرَةِ الْغَلِيظَةِ، وَتُوجِبُ رِقَّةَ الْهَوَاءِ وَلَطَافَتَهُ، فَيَخِفُّ بِذَلِكَ الْمَاءُ، وَتَقِلُّ أَجْزَاؤُهُ الْأَرْضِيَّةُ، وَتُصَادِفُ وَقْتَ حَيَاةِ النَّبَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَطِيبَ الْهَوَاءِ.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ ﵀ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵄، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ، فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَوْبَهُ، وَقَالَ: «إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» «١»، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَدْيِهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ ذِكْرُ اسْتِمْطَارِهِ ﷺ، وَتَبَرُّكِهِ بِمَاءِ الْغَيْثِ عِنْدَ أول مجيئه.
حَرْفُ الْفَاءِ
فَاتِحَةُ الْكِتَابِ: وَأُمُّ الْقُرْآنِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالشِّفَاءُ التَّامُّ، وَالدَّوَاءُ النَّافِعُ، وَالرُّقْيَةُ التَّامَّةُ، وَمِفْتَاحُ الْغِنَى وَالْفَلَاحِ، وَحَافِظَةُ الْقُوَّةِ، وَدَافِعَةُ الْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْخَوْفِ وَالْحَزَنِ لِمَنْ عَرَفَ مِقْدَارَهَا وَأَعْطَاهَا حَقَّهَا، وَأَحْسَنَ تَنْزِيلَهَا عَلَى دَائِهِ، وَعَرَفَ وَجْهَ الِاسْتِشْفَاءِ وَالتَّدَاوِي بِهَا، وَالسِّرَّ الَّذِي لِأَجْلِهِ كَانَتْ كَذَلِكَ.
وَلَمَّا وَقَعَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، رَقَى بِهَا اللَّدِيغَ، فَبَرَأَ لِوَقْتِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» .
وَمَنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ، وَأُعِينَ بِنُورِ الْبَصِيرَةِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَسْرَارِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ، وَمَعْرِفَةِ، الذَّاتِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَإِثْبَاتِ الشَّرْعِ وَالْقَدَرِ وَالْمَعَادِ، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية، وكمال
(١) أخرجه مسلم في صلاة الاستسقاء.
1 / 262