Daawada Nabiga
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Daabacaha
دار الهلال
Lambarka Daabacaadda
-
Goobta Daabacaadda
بيروت
تلبينة: قَدْ تَقَدَّمَ إِنَّهَا مَاءُ الشَّعِيرِ الْمَطْحُونِ، وَذَكَرْنَا مَنَافِعَهَا، وَأَنَّهَا أَنْفَعُ لِأَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ مَاءِ الشعير الصحيح.
حَرْفُ الثَّاءِ
ثَلْجٌ: ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ»: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» «١» .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ الدَّاءَ يُدَاوَى بِضِدِّهِ، فَإِنَّ فِي الْخَطَايَا مِنَ الْحَرَارَةِ وَالْحَرِيقِ مَا يُضَادُّهُ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ، وَالْمَاءُ الْبَارِدُ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَاءَ الْحَارَّ أَبْلَغُ فِي إِزَالَةِ الْوَسَخِ، لِأَنَّ فِي الْمَاءِ الْبَارِدِ مِنْ تَصْلِيبِ الْجِسْمِ وَتَقْوِيَتِهِ مَا لَيْسَ فِي الْحَارِّ، وَالْخَطَايَا تُوجِبُ أَثَرَيْنِ: التَّدْنِيسَ وَالْإِرْخَاءَ، فَالْمَطْلُوبُ مُدَاوَاتُهَا بِمَا يُنَظِّفُ الْقَلْبَ وَيُصَلِّبُهُ، فَذَكَرَ الْمَاءَ الْبَارِدَ وَالثَّلْجَ وَالْبَرَدَ إِشَارَةً إِلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ.
وَبَعْدُ فَالثَّلْجُ بَارِدٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: حَارٌّ، وَشُبْهَتُهُ تَوَلُّدُ الْحَيَوَانِ فِيهِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى حَرَارَتِهِ، فَإِنَّهُ يَتَوَلَّدُ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَارِدَةِ، وَفِي الْخَلِّ، وَأَمَّا تَعْطِيشُهُ، فَلِتَهْيِيجِهِ الْحَرَارَةَ لَا لِحَرَارَتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَيَضُرُّ الْمَعِدَةَ وَالْعَصَبَ، وَإِذَا كَانَ وَجَعُ الْأَسْنَانِ مِنْ حَرَارَةٍ مُفْرِطَةٍ، سكنها.
ثوم: هُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْبَصَلِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا» «٢» . وَأُهْدِيَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فِيهِ ثُومٌ، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَكْرَهُهُ وَتُرْسِلُ بِهِ إِلَيَّ؟ فَقَالَ: «إِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي» .
وَبَعْدُ فَهُوَ حَارٌّ يَابِسٌ فِي الرَّابِعَةِ، يُسَخِّنُ تَسْخِينًا قَوِيًّا، وَيُجَفِّفُ تَجْفِيفًا بَالِغًا، نَافِعٌ لِلْمَبْرُودِينَ، وَلِمَنْ مِزَاجُهُ بَلْغَمِيٌّ، وَلِمَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْوُقُوعِ فِي الْفَالِجِ، وَهُوَ مُجَفِّفٌ لِلْمَنِيِّ، مُفَتِّحٌ لِلسُّدَدِ، محلل للرياح الغليظة، هاضم للطعام، قاطع
(١) أخرجه مسلم في المساجد. (٢) أخرجه مسلم في المساجد. وابن ماجة في إقامة الصلاة، والنسائي وأحمد.
1 / 220