172

Daawada Nabiga

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Daabacaha

دار الهلال

Lambarka Daabacaadda

-

Goobta Daabacaadda

بيروت

تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ يَطْرُدُ عَنْهُ الشَّيْطَانَ، وَإِيكَاؤُهُ يَطْرُدُ عَنْهُ الْهَوَامَّ وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ لِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» مِنْ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ «١» . وَفِي هَذَا آدَابٌ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا: أَنَّ تَرَدُّدَ أَنْفَاسِ الشَّارِبِ فِيهِ يُكْسِبُهُ زُهُومَةً وَرَائِحَةً كَرِيهَةً يُعَافُ لِأَجْلِهَا. وَمِنْهَا: أَنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَ الدَّاخِلُ إِلَى جَوْفِهِ مِنَ الْمَاءِ، فَتَضَرَّرَ بِهِ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِيهِ حَيَوَانٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ، فَيُؤْذِيهِ. ومنها: أن الماء كَانَ فِيهِ قَذَاةٌ أَوْ غَيْرُهَا لَا يَرَاهَا عِنْدَ الشُّرْبِ، فَتَلِجُ جَوْفَهُ. وَمِنْهَا: أَنَّ الشُّرْبَ كَذَلِكَ يَمْلَأُ الْبَطْنَ مِنَ الْهَوَاءِ، فَيَضِيقُ عَنْ أَخْذِ حَظِّهِ مِنَ الْمَاءِ، أَوْ يُزَاحِمُهُ، أَوْ يُؤْذِيهِ، وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِمَا فِي «جَامِعِ الترمذي»: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَعَا بإداوة يوم أحد، فقال: «اخنث فم الإدواة»، ثُمَّ شَرِبَ مِنْهَا مِنْ فِيهَا «٢»؟ قُلْنَا: نَكْتَفِي فِيهِ بِقَوْلِ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ يُضَعَّفُ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، وَلَا أَدْرِي سَمِعَ مِنْ عيسى أَوْ لَا انْتَهَى. يُرِيدُ عيسى بن عبد الله رَوَاهُ عَنْهُ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَصْلٌ وَفِي «سُنَنِ أبي داود» مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ، وَأَنْ يَنْفُخَ فِي الشَّرَابِ» «٣»، وَهَذَا مِنَ الآداب

(١) أخرجه البخاري في الأشربة. (٢) أخرجه أبو داود. والإختاث: أنه يثنى رؤوسها ويعطفها ثم يشرب منها. (٣) أخرجه أبو داود في الأشربة.

1 / 174