163

Daawada Nabiga

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Daabacaha

دار الهلال

Lambarka Daabacaadda

-

Goobta Daabacaadda

بيروت

الِانْتِصَابَ الطَّبِيعِيِّ، وَأَرْدَأُ الْجِلْسَاتِ لِلْأَكْلِ الِاتِّكَاءُ عَلَى الْجَنْبِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَرِيءَ، وَأَعْضَاءَ الِازْدِرَادِ تَضِيقُ عِنْدَ هَذِهِ الْهَيْئَةِ، وَالْمَعِدَةُ لَا تَبْقَى عَلَى وَضْعِهَا الطَّبِيعِيِّ، لِأَنَّهَا تَنْعَصِرُ مِمَّا يَلِي الْبَطْنَ بِالْأَرْضِ، وَمِمَّا يَلِي الظَّهْرَ بِالْحِجَابِ الْفَاصِلِ بَيْنَ آلَاتِ الْغِذَاءِ، وَآلَاتِ التَّنَفُّسِ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالِاتِّكَاءِ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْوَسَائِدِ وَالْوَطَاءِ الَّذِي تَحْتَ الْجَالِسِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنِّي إِذَا أَكَلْتُ لَمْ أَقْعُدْ مُتِّكِئًا عَلَى الْأَوْطِيَةِ وَالْوَسَائِدِ، كَفِعْلِ الْجَبَابِرَةِ، وَمَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ، لَكِنِّي آكُلُ بُلْغَةً كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ. فَصْلٌ وَكَانَ يَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ، وَهَذَا أَنْفَعُ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَكَلَاتِ، فَإِنَّ الْأَكْلَ بِأُصْبُعٍ أَوْ أصبعين لا يستلذّ به الآكل، ولا يمر به، وَلَا يُشْبِعُهُ إِلَّا بَعْدَ طُولٍ، وَلَا تَفْرَحُ آلَاتُ الطَّعَامِ وَالْمَعِدَةُ بِمَا يَنَالُهَا فِي كُلِّ أَكْلَةٍ، فَتَأْخُذُهَا عَلَى إِغْمَاضٍ، كَمَا يَأْخُذُ الرَّجُلُ حَقَّهُ حَبَّةً أَوْ حَبَّتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَلْتَذُّ بِأَخْذِهِ، وَلَا يُسَرُّ بِهِ، وَالْأَكْلُ بالخمسة والراحة ازْدِحَامَ الطَّعَامِ عَلَى آلَاتِهِ، وَعَلَى الْمَعِدَةِ، وَرُبَّمَا انسدت الالآت فمات، وتغضب الْآلَاتُ عَلَى دَفْعِهِ، وَالْمَعِدَةُ عَلَى احْتِمَالِهِ، وَلَا يَجِدُ لَهُ لَذَّةً وَلَا اسْتِمْرَاءً، فَأَنْفَعُ الْأَكْلِ أَكْلُهُ ﷺ، وَأَكْلُ مَنِ اقتدى به بالأصابع الثلاث. فَصْلٌ وَمَنْ تَدَبَّرَ؟؟؟ أَغْذِيَتَهُ ﷺ، وَمَا كَانَ يَأْكُلُهُ، وَجَدَهُ لَمْ يَجْمَعْ قَطُّ بَيْنَ لَبَنٍ وَسَمَكٍ، وَلَا بَيْنَ لَبَنٍ وَحَامِضٍ، وَلَا بَيْنَ غِذَاءَيْنِ حَارَّيْنِ، وَلَا بَارِدَيْنِ، وَلَا لَزِجَيْنِ، وَلَا قَابِضَيْنِ، وَلَا مُسْهِلَيْنِ، وَلَا غَلِيظَيْنِ، وَلَا مُرْخِيَيْنِ، وَلَا مُسْتَحِيلَيْنِ إِلَى خَلْطٍ وَاحِدٍ، وَلَا بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ كَقَابِضٍ وَمُسْهِلٍ، وَسَرِيعِ الْهَضْمِ وَبَطِيئِهِ، وَلَا بَيْنَ شَوِيٍّ وَطَبِيخٍ، وَلَا بَيْنَ طَرِيٍّ وَقَدِيدٍ، وَلَا بَيْنَ لَبَنٍ وَبَيْضٍ، وَلَا بَيْنَ لَحْمٍ وَلَبَنٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي وَقْتِ شِدَّةِ حَرَارَتِهِ، وَلَا طَبِيخًا بَائِتًا يُسَخَّنُ لَهُ بِالْغَدِ، وَلَا شَيْئًا مِنَ

1 / 165