4
يساعدنا هذا البحث الحديث في فهم طريقة اختيار الأشخاص الثنائيي اللغة للغة المناسبة ليستخدموها، وإقصائهم للغات الأخرى، إلى حد ما على الأقل، كما سنرى فيما يلي.
عندما يكون ثنائيو اللغة في وضع أحادي اللغة؛ أي عند الحديث أو الكتابة بلغة واحدة فقط، فإننا نتوقع أن تصبح لغاتهم الأخرى معطلة أو لا تتدخل؛ وهذا أمر منطقي نظرا لأن الأشخاص الثنائيي اللغة عادة ما يتواصلون مع أشخاص لا يعرفون لغاتهم الأخرى. مع ذلك، في الواقع لا تكون الأمور بمثل هذه البساطة؛ فقد يحدث تبديل لغوي أحيانا عند حديث الأشخاص الثنائيي اللغة أو كتابتهم بلغة واحدة، وعادة ما تتداخل لغاتهم الأخرى. سنستعرض فيما يلي كلتا العمليتين. (2) التبديل اللغوي في الوضع الأحادي اللغة
يتمثل أحد أسباب حدوث التبديل اللغوي في الوضع الأحادي اللغة في إدخال اسم علم من اللغة الأخرى؛ فيفضل بعض الأشخاص الثنائيي اللغة نطق اسم (مدينة أو جريدة أو شخص أو حتى أسمائهم) بلغته الصحيحة، مما قد يدفعهم إلى التحول للغة الأخرى، بينما يكيف أشخاص ثنائيو اللغة آخرون الأسماء صوتيا مع اللغة الأساسية، ومن ثم يقومون بعملية الاقتباس. لا يوجد أي قواعد هنا؛ فمن ناحية نحن لا نريد أن نبدو مستعلين أو مختلفين كثيرا عن الآخرين من خلال التحول إلى استخدام اللغة الأخرى. ومن المهم أيضا أن يفهمنا الذين نتحدث إليهم، وربما يتسبب التبديل اللغوي في حدوث سوء فهم. ومن ناحية أخرى، فإن تكييف أحد الأسماء مع اللغة الأساسية قد يشوهه تماما أو يبعده عن حقيقته؛ ففي النهاية لا يبدو صديق أمريكي اسمه جوناثان الشخص نفسه عند نطق اسمه بالفرنسية. إن اتخاذ قرار بنطق اسم العلم بصيغته الأصلية أو تكييفه مع اللغة المستخدمة في الكلام يعتمد على كثير من العوامل، لكن تتمثل العوامل الرئيسية في تحقيق تواصل واضح، وليس إبعاد الشخص نفسه كثيرا عمن يتحدث إليهم. عندما كنت أعيش في الولايات المتحدة، كنت أنطق اسم عائلتي بالنطق الإنجليزي ثم أتهجاه؛ فلم يكن نطقه بالطريقة الفرنسية حلا؛ إذ إن معظم الناس لن تفهمه.
بخلاف أسماء الأعلام، قد يقوم ثنائيو اللغة بعملية تبديل لغوي لوقت قصير عندما يكونون في وضع أحادي اللغة، إما لأنهم لا يجيدون هذه اللغة جيدا (كما يحدث عندما يتحدث شخص ثنائي اللغة تسيطر عليه بشدة لغة معينة بلغته الضعيفة)، وإما لأنه ليس لديهم المرادف المطلوب في هذا المجال على وجه التحديد في اللغة التي يتحدثون بها (مبدأ التكامل). عندما يقوم ثنائيو اللغة بتبديل لغوي مفاجئ على هذا النحو، فإن مستمعيهم عادة ما يصابون بالدهشة والارتباك؛ فعندما يقوم من أتحدث إليه بتبديل لغوي مفاجئ على نحو غير متوقع، فإنني لا أركز تماما مع ما يقوله. يظهر هذا ببساطة مدى عدم تفعيل اللغة الأخرى عندما يكون المرء في وضع أحادي اللغة.
عندما يكون المستمع، أو أحد المستمعين، على دراية بلغة المتحدث الأخرى، يمكنه عرض الترجمة المقابلة في لغة الحديث؛ وهذه طريقة شائعة في الدول المتعددة اللغات؛ حيث يفهم الناس عادة كثيرا من اللغات، حتى إن فضلوا عدم الحديث بها، ويكون لديهم استعداد لتقديم بعض المساعدة. فقد سمعت في إحدى المرات أستاذا أمريكيا يقول في لقاء معه في برنامج إذاعي فرنسي:
Il n’est pas ruthless (أنا لست شخصا قاسيا). تدخل المقدم على الفور، الذي كان يريد أن يفهم المستمعون ما يقال في المقابلة، وقال التعبير الفرنسي المقابل
sans scrupules . فقال الأستاذ:
Oui ... ثم واصل ما يقوله.
إذا بدا أن المستمع لا يفهم اللغات الأخرى للمتحدث الثنائي اللغة، إذا فإن التبديل اللغوي لا بد أن يكون مصحوبا بشرح؛ فيقول المرء الكلمة أو التعبير باللغة الأخرى (الثانوية)، وربما يسبقها بعبارة مثل: «باللغة ... نقول ...»، ثم يستكمل حديثه. بالطبع لا يمكن أن يحدث هذا طوال الوقت؛ لأنه يجعل التفاعل بطيئا، وربما لا يستحسنه المستمعون كثيرا. (3) التداخل
Bog aan la aqoon