وفي بحث لاحق قامت به باراديس قالت إن البحث المشار إليه آنفا الذي أجرته مجموعتها، لم يعثر على دليل علمي يدفعهم إلى نصح الآباء بالتخلي عن الحديث بإحدى لغتيهم مع الطفل الذي يعاني من اضطراب اللغة المحدد (خاصة إذا كان الطفل يكتسب لغتين في وقت واحد).
19
الفصل التاسع عشر
الثنائية اللغوية والتعليم
عندما يجمع مصطلحا «التعليم» و«الثنائية اللغوية» معا في جملة واحدة، يثار موضوع واسع النطاق ومثير للجدل عادة، إن لم يكن يثير الصراع في دول معينة. ونظرا لأن هذا الكتاب يدور حول الثنائية اللغوية، فسنتناول هذا الموضوع من زاوية معينة، وهي أن التعليم ينبغي، إن أمكن، أن يساعد الأطفال والمراهقين على اكتساب لغة ثانية أو ثالثة مع احتفاظهم بلغتهم (أو لغاتهم) الأولى. بالإضافة إلى ذلك، مرة أخرى إن أمكن، ينبغي أن يشجع التعليم على الاستخدام الفعال لهذه اللغات. لا يختلف هذا الرأي كثيرا عن أحد الأهداف التي اقترحتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في إعلانها العالمي للتنوع الثقافي الصادر في عام 2002، الذي نصه:
تشجيع التنوع اللغوي، مع احترام اللغة الأم، في كل مستويات التعليم، متى أمكن ذلك، وتدعيم تعلم عدة لغات منذ سن مبكرة.
1
كما سنرى يكون الهدف التعليمي لبعض البرامج المخصصة للأطفال الثنائيي اللغة ليس الثنائية اللغوية، بينما تكون الثنائية اللغوية أحد الأهداف الفعلية لبرامج أخرى. من المهم أن نؤكد على أن هذا الفصل لا يتحدث عن التعليم الثنائي اللغة على النحو المعروف في الولايات المتحدة، وإنما عن الأساليب التعليمية التي تؤدي إما إلى الأحادية اللغوية وإما إلى الثنائية اللغوية لدى الأطفال. إن ما يثير اهتمامي بالفعل هو الكيفية التي يمكن للمدارس أن تشجع بها الطفل أو المراهق على اكتساب لغات جديدة واستخدامها، بالإضافة إلى الاحتفاظ باللغة أو اللغات المعروفة لديه بالفعل. (1) عندما لا تكون الثنائية اللغوية هي الهدف
قبل تناول الموضوع الرئيسي المتعلق بالأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة ومعهم لغة مختلفة عن لغة المدرسة الأساسية (سأطلق على الأولى لغة الأقلية)، يجب أن أتحدث قليلا عن تعلم اللغة الثانية المعتاد الذي يحدث في معظم المدارس في جميع أنحاء العالم، ما أتحدث عنه هنا هو، على سبيل المثال، كيفية تعلم طلاب المدارس البريطانيين للغة الألمانية، وتعلم الطلاب الفرنسيين للغة الإنجليزية، وتعلم الأمريكيين للغة الإسبانية، وما إلى ذلك. في معظم الحالات يكون التعلم رسميا إلى حد كبير؛ فتكون اللغة مادة تدرس، مثل غيرها من المواد الدراسية، في أوقات معينة خلال الأسبوع الدراسي؛ ونادرا ما تصبح وسيلة للتواصل، كما أنها لا تكون الوسيلة المستخدمة في تعلم مواد أخرى. وعادة يبذل معلمو اللغة الثانية (أو اللغة الأجنبية)، الذين كنت واحدا منهم في بداية حياتي المهنية، جهودا جديرة بالثناء من أجل تحويل عملية تعلم اللغة إلى نشاط ممتع ومشوق، فبالإضافة إلى المواد التقليدية، يستخدمون أساليب تعتمد على استعمال شبكة الإنترنت، وأساليب سمعية بصرية أخرى، واستراتيجيات تواصل متنوعة، من أجل تدريس اللغة المعنية، إلا أن الأمر لا يكون بهذه البساطة في ظل وجود مجموعة من عشرين إلى ثلاثين طالبا في الفصل الواحد، والتقائهم بالمعلم لبضع ساعات كل أسبوع. وفي نهاية تعليمهم المدرسي، يحتفظ عادة الطلاب بقدر من المعرفة باللغة الثانية التي تعلموها، لكن الاستخدام الفعلي لها يكون على نطاق ضيق، إلا إذا وجدوا أنفسهم في سياق من التواصل يحتاجون فيه إلى هذه اللغة. خلاصة القول، يكتسب كثير من هؤلاء الطلاب أساسا يمكنهم الاعتماد عليه عند استخدامهم الفعلي للغة؛ ومن ثم الثنائية اللغوية، إذا كان الموقف مناسبا وظهرت حاجة إلى ذلك، لكنهم لا يصبحون بعد ثنائيي اللغة.
قد يظن المرء، بسذاجة، أن الأطفال والمراهقين الذين يلتحقون بالمدرسة ولديهم معرفة بلغة أخرى (عادة لغة أقلية)، تكون لديهم أسبقية في التحول لثنائيي اللغة؛ ففي النهاية، ألن يصبح الطفل من نيكاراجوا، الذي يلتحق بمدرسة تطبق نظام التعليم الأمريكي مع معرفته القليل جدا عن الإنجليزية، بمرور الوقت ثنائي اللغة في الإسبانية والإنجليزية؟ كذلك، ألن يصبح الطفل الذي من شمال أفريقيا ويعيش في فرنسا ثنائي اللغة في العربية والفرنسية، أو الطفل التركي الذي يعيش في ألمانيا ثنائي اللغة في التركية (أو الكردية) والألمانية؟ في كثير من الدول الأفريقية والآسيوية ، تظهر الثنائية اللغوية فعليا لدى الأطفال المنتمين إلى خلفيات لغوية أخرى عند بدء التحاقهم بالمدرسة، لكن في مناطق أخرى في العالم حيث تكون الهجرة هي مصدر مجموعات الأقلية، نادرا ما نجد دولة تطبق عن عمد سياسة تعليمية تسمح للأطفال المنتمين لهذه المجموعات باكتساب لغتهم الأصلية المستخدمة في البلاد التي هاجروا منها، ولغة الأغلبية، والاحتفاظ بهما؛ ومن ثم تكون سياسة تدعم الثنائية اللغوية. توجد أسباب كثيرة لهذا (سياسية واقتصادية وثقافية)، ويوجد جدل مستمر حولها.
Bog aan la aqoon