إن الصورة التي تتضح لنا من مراجعة هذه الدراسات هي صورة معقدة للتفاعلات التي تحدث بين الثنائية اللغوية واكتساب المهارات، تظهر أحيانا وجود ميزات للأطفال الثنائيي اللغة، وعيوب أحيانا أخرى، وأحيانا لا يكون لها أي تأثير على الإطلاق.
16
وهذا وصف رائع للصورة الآخذة في التعقيد للفروق التي تكون عادة غير واضحة بين الأطفال الأحاديي اللغة والثنائيي اللغة، هذا في حال وجود فروق. (3) الأطفال الثنائيو اللغة واضطرابات اللغة
تذكرنا عالمة اللغة واختصاصية التخاطب سوزان دوبكا بوجود احتمال معاناة نحو 10 في المائة من الأطفال من صعوبات في تطور اللغة، وتؤكد على أن هذه النسبة تنطبق على «كل» من الأطفال الأحاديي اللغة والثنائيي اللغة. توجد أسباب كثيرة لحالات التأخر اللغوي واضطرابات اللغة، لكنها تؤكد على أن الثنائية اللغوية ليست أحدها؛ فتقول دوبكا إن هناك عددا من الأمور في لغة الطفل الأقوى قد تشير إلى أن لديه اضطرابا لغويا. من بين هذه الأمور، نجد عدم القدرة على فهم الكلمات المألوفة أو اتباع التعليمات المناسبة مع سن الطفل، ووجود صعوبة في إنتاج الكلمات أو العبارات أو تعلمها، واستخدام اللغة بطريقة غريبة، وحدوث تأخر في مجالات نمو أخرى، ووجود مشكلات سلوكية متعددة، وما إلى ذلك. تصر دوبكا على أن إيقاف استخدام لغة المنزل لا يحسن قدرات الطفل الثنائي اللغة في لغة الأغلبية (لغة المدرسة)؛ على العكس، فقد تكون له آثار أخرى قد تضر بالطفل وبيئته؛ ومن ثم، إذا نشأ الطفل ثنائي اللغة، فلا يجب إدخال أي تغيير على اللغات التي يستخدمها، على الرغم من الفكرة السائدة الخاطئة، التي ما زال بعض المختصين يروجون لها، بأن الاضطراب اللغوي لدى الطفل سيتحسن إذا جعله والداه يستخدم لغة واحدة فقط. تقول دوبكا بوضوح:
لا تسبب الثنائية اللغوية أي نوع من الاضطراب اللغوي، ولا يعمل التحول إلى استخدام لغة واحدة فقط على تحسين الاضطراب اللغوي.
17
إن عدد الأطفال الثنائيي اللغة المصابين باضطرابات لغوية ليس أكبر من عدد نظائرهم الأحاديي اللغة؛ ليس هذا فحسب، وإنما تتشابه أيضا عادة الصعوبات التي يتعرض لها كلا الطرفين. درست اختصاصية علم اللغة النفسي يوهان باراديس وزملاؤها الأخطاء التي ارتكبها أطفال ثنائيو اللغة وأحاديو اللغة يبلغون من العمر سبع سنوات ومصابون باضطراب يسمى «اضطراب اللغة المحدد»، واكتشفوا وجود أنماط الخلل نفسها لدى المجموعتين. يتمتع الأطفال المصابون بهذا الاضطراب بنمو اجتماعي وعاطفي طبيعي، بالإضافة إلى قدرات حسية وحركية طبيعية، لكن قدراتهم اللغوية تكون أقل من المتوقع لها بالنسبة إلى أعمارهم؛ فهم يتمتعون بالذكاء والصحة في كل مجال باستثناء الصعوبات التي يعانون منها مع اللغة. فحصت الدراسة الأخطاء في صيغة الفعل التي ارتكبها هؤلاء الأطفال (على سبيل المثال:
The teddy “want” juice (الدبدوب يريدون عصيرا)، أو
Brendan “bake” a cake last night (يخبز برندان كعكة البارحة))، واكتشفت أن المعرفة بلغتين الموجودة لدى الأطفال الثنائيي اللغة المصابين بهذا الاضطراب، لم تجعل أنماط الأخطاء لديهم تختلف عن الموجودة لدى نظرائهم من الأطفال الأحاديي اللغة. استنتج الباحثون أن تعلم لغتين لا يبدو أنه يتعارض مع المسار العام لاكتساب اللغة، حتى في ظروف وجود اضطراب لغوي .
18
Bog aan la aqoon