20
الفصل السابع عشر
الأسرة والأطفال الثنائيو اللغة
إن تحويل الأطفال إلى ثنائيي اللغة وإبقاءهم هكذا مسئولية كبيرة يمعن كثير من الأسر التفكير فيها. لا يمكن إنكار أن بعض الأطفال «يصبحون ثنائيي اللغة بالصدفة» (لقد أصبحت واحدا من هؤلاء عندما التحقت بمدرسة داخلية إنجليزية في سن الثامنة)، لكن يوجد عدد متزايد من الآباء يهتمون بالأسلوب الذي يجب عليهم اتباعه في هذا الشأن، والدعم الذي يجب عليهم تقديمه إلى أطفالهم، من أجل تسهيل حياتهم بلغتين أو أكثر. سأتحدث في هذا الفصل عن الاستراتيجيات الأسرية المتاحة والدعم الذي يجب أن يحصل عليه كل من الأطفال الثنائيي اللغة وآبائهم. أدرج تحت مفهوم «الأسرة» الوالدين والجدود، بالإضافة إلى أفراد الأسرة الأكثر بعدا ومسئولي الرعاية الآخرين. (1) استراتيجيات الأسرة لضمان تحويل أطفالها إلى ثنائيي اللغة
التقيت بكثير من الأزواج الذين يريدون تكوين أسرة ويتساءلون عن أفضل طريقة تمكنهم من التأكد من أن يصبح أطفالهم ثنائيي اللغة. والأسباب التي يعللون بها رغبتهم في تربية أطفالهم كي يصبحوا ثنائيي اللغة عديدة: فبعضهم يريد أن يتحدث الأطفال بلغتي الوالدين (فعلى سبيل المثال: تتحدث الأم بالإسبانية والأب بالإنجليزية)، بينما يريد آخرون أن يتمكن الأطفال من التواصل مع جدودهم، ويريد البعض الآخر أن يعدوا أبناءهم لليوم الذي يلتحقون فيه بالمدرسة حيث تستخدم لغة مختلفة، ويريد آخرون تعليم أبنائهم اللغات منذ سن مبكرة. أيا كان السبب، فإنهم يبحثون عن طرق لوضع أبنائهم على أول الطريق نحو الثنائية اللغوية.
توجد خمس استراتيجيات يستطيع الآباء اتباعها من أجل تعزيز الثنائية اللغوية لدى أبنائهم، وربما أكثر هذه الاستراتيجيات شهرة هي استراتيجية «حديث كل من الوالدين بلغة واحدة»، التي اشتهرت في عالم الثنائية اللغوية (على الرغم من أنها ربما كانت موجودة منذ قرون)، عندما سأل جول رونجا، في مطلع القرن العشرين، عالم اللغة الفرنسي موريس جرامون عن أفضل طريقة لتنشئة طفله بحيث يصبح ثنائي اللغة. كانت زوجة رونجا ألمانية وكان هو فرنسيا؛ فاقترح عليه جرامون أن يلتزم كل منهما بالحديث بلغته أو لغتها فقط إلى الطفل لوي، وهذا ما فعلاه. فيما بعد ألف رونجا كتابا عن هذه الاستراتيجية، وقال فيه إن لوي اكتسب اللغتين مثل أي متحدث أصلي للغة. أتذكر الطفلة الصغيرة هيلدجارد، التي التقينا بها في الفصل الرابع عشر، التي تربت باستخدام هذه الاستراتيجية نفسها؛ فقد كان والدها يتحدث معها بالألمانية، ووالدتها تتحدث معها بالإنجليزية.
تتمثل استراتيجية أخرى في استخدام إحدى اللغات في المنزل، وعادة ما تكون لغة الأقلية، واستخدام لغة أخرى خارجه (وسأطلق عليها استراتيجية «لغة داخل المنزل وأخرى خارجه»). فالفكرة في ذلك أن يتحدث كل الموجودين في المنزل بلغة واحدة فقط حتى يكتسبها الطفل جيدا، أما بالنسبة إلى اللغة الأخرى، فإن الطفل سيكتسبها عندما يخرج من المنزل، وفيما بعد عندما يذهب إلى مركز للرعاية النهارية، ثم بعد أن يلتحق بالمدرسة. يستخدم هذا الأسلوب، ربما دون وعي، ملايين الأسر المهاجرة حيث تستخدم لغة الأقلية في المنزل، وأحيانا أيضا في الحي السكني، وتستخدم لغة الأغلبية في المجتمع الخارجي. عندما يتبع الوالدان هذه الاستراتيجية عن وعي مع أطفالهم، فإنهما عادة ما يعززان الفصل بين اللغة المستخدمة داخل المنزل وتلك المستخدمة خارجه على نحو أكثر صرامة. وقد تربى الاختصاصي الشهير في الثنائية اللغوية أينار هوجن ليصبح ثنائي اللغة في النرويجية والإنجليزية باستخدام هذا الأسلوب، وقد كتب يقول:
رأى والداي أن أتعلم الإنجليزية من أصدقائي وأساتذتي، وأنني فقط من خلال تعلمي اللغة النرويجية واستخدامها في المنزل أستطيع التواصل معهم بفاعلية ومع أصدقائهم وثقافتهم.
1
تتمثل الاستراتيجية الثالثة في استخدام لغة واحدة مع الطفل في البداية، ثم إدخال اللغة الأخرى عندما يصبح في سن الرابعة أو الخامسة، وسأطلق عليها اسم استراتيجية «لغة واحدة في البداية». عادة ما تكون اللغة الأولى هي لغة الأقلية، التي يستخدمها الوالدان فقط؛ وهما يحرصان على أن يستخدم هذه اللغة كل الذين يتواصل معهم الطفل بخلافهما (مسئولو الرعاية الآخرون، وأفراد الأسرة، والأصدقاء، وبرامج التليفزيون، وما إلى ذلك). وبمجرد ترسيخ هذه اللغة جيدا، يسمح الوالدان باكتساب اللغة الأخرى، ويحدث هذا عادة بسرعة كبيرة إذا كانت هي لغة الأغلبية المستخدمة في المجتمع الخارجي.
Bog aan la aqoon