134

يا ابن مسعود إن شئت نبأتك بأمر نوح عاش ألفا إلا خمسين عاما لم يبني كلما أصبح قال: لا أمسي وإذا أمسى قال: لا أصبح، وكان لباسه الشعر وطعامه الشعير، وإن داود خليفة الله في الأرض كان طعامه على ثلاثة أجزاء: جزء شعير، وجزء ماء، وجزء نخالة وكان لباسه الشعر، وإن سليمان عليه السلام فيما كان فيه من الملك يأكل الخشكار ويطعم الناس الحوارى، وكان لباسه الشعر وإذا جنه الليل شد يده إلى عنقه فلا يزال حتى يصبح باكيا، وإن إبراهيم خليل الله صلى الله عليه كان لباسه الصوف وطعامه الشعير، وكان يحيى بن زكريا عليه السلام لباسه ليف ويأكل ورق الشجر، وأن عيسى بن مريم عليه السلام ففي أمره عجب كان يقول: إدامى الجوع وشعاري الخوف، ودابتي رجلاي ولباسي الصوف وسراجي القمر، ودفئي في الشتاء مشارب الأرض وفاكهتي وريحانتي مما أنبتت الأرض للوحوش والأنعام، وليس لي شيء وليس على الأرض أغنى مني، يا بن مسعود يبغضون ما أبغض الله ويصغرون ما صغر الله، ويزهدون فيما زهد الله تعالى حتى وجدوا الثناء قال لنوح عليه السلام: ?إنه كان عبدا شكورا?[الإسراء:3] ?واتخذ الله إبراهيم خليلا?[النساء:125]وجعل داود خليفة الله في أرضه ?ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر?[سبأ:12] ?وكلم الله موسى تكليما?[النساء:164]، وليحيى ?وآتيناه الحكم صبيا?[مريم:12] ?وسيدا وحصورا?، ولعيسى: ?وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص?[المائدة:110] وأثنى عليهم فقال: ?إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين?[الأنبياء: 90] لما خوفهم الله تعالى في كتابه ?وإن جهنم لموعدهم أجمعين?[الحجر:43] ?وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا?[مريم:71-72]، وقوله: ?وجيء بالنبيين والشهداء?[الزمر:69].

يابن مسعود والحساب فيها على من كان له فضل من قوام صلبه فلم يقدم فضله.

يابن مسعود النار لمن ركب محرما والجنة لمن ترك الحلال.

يابن مسعود عليك بالزهد فإن الزهد في ذلك مما يباهي الله تعالى به الملائكة ويقبل عليك بوجهه ويصلي عليك الجبار.

Bogga 169