بمدى قدرة العربي على تحدي الغرب وإثبات الاحتذاء به وتمثله.
كان ذلك يعني على المستوى الثقافيّ الشعريّ القول بـ "الشعر العصريّ" وإذا كان هذا القول يستمد معاييره من الغرب، فإن هذا يعود أساسًا إلى أنه كان محكومًا بالوعي البورجوازيّ الناشئ الذي رأى "الحداثة" و"العصرية" عبر أوروبا، والذي نجد له تمثيلًا نموذجيًا واضحًا في كل من "الهلال" و"المقتطف". . .
لا شك أن هذا الوعي كان يستجيب لتفكيك العلاقات الإقطاعية وانحلالها، ويدعم تقويضها ايديولوجيًا في النزوع إلى بنية اجتماعية ثقافية جديدة، تقوم على الحداثة والعلمنة، وعلى التحول من اللاهوت إلى العقل، ومن الذهنية التقديسية إلى الذهنية التاريخية، ومن الذهنية الدينية إلى الذهنية العقلانية الديكارتية والدارونية. . .) (^١). فهذا هو المستند الاعتقاديّ القائم على التبعية الكاملة للغرب هو الذي أودى بالأتباع المحاكين للغرب في مهاوي الإلحاد والكفر والضلال.
وهذا التحول الذي يشير إليه النص السابق هو أساس الانحراف الاعتقاديّ، وثمرة التبعية والمحاكاة للغرب، وكونهم يتحولون من اللاهوت إلى العقل ومن الذهنية التقديسية إلى الذهنية التاريخية ومن الذهنية الدينية إلى الذهنية العقلانية، كل ذلك يعني أنهم لا يطّرحون الدين الإسلامي جانبًا فحسب بل ويطّرحون -تبعًا لأساتذتهم- كل أسس الاعتقاد الدينيّ الإسلاميّ من إثبات لوجود اللَّه وتوحيده وربوبيته والرسل والمعاد والغيبيات.