يتبنى عقيدة تضع الطبيعة مكان الإله الخالق، والوجوديّ يتبنى عقيدة التعلق بالذات ومعاداة الآخر وتحدي الغيب واعتقاد عبثية الوجود كله، وهكذا سائر العقائد المنحرفة والضالة، والناظر في نتاج الأدباء القدماء والمعاصرين عربًا وغير عرب مسلمين وغير مسلمين يلحظ بيسر تأثير العقائد في نتاجهم الأدبيّ، ويرى أن العقيدة لها أثرها وبصماتها على النص الأدبيّ، في مضمونه أو في تعبيراته أو في صوره الفنية أو في رموزه.
ففي مصر القديمة، مصر الوثنية الفرعونية كانت النصوص الأدبية تخرج متأثرة بالمعتقدات السائدة لديهم، حتى لقد أكد بعض الباحثين في هذا الصدد (أن الفكرة الأدبية في مصر القديمة ازدهرت بين جدران المعابد وأن الجزء الأكبر من الأدب المصري كان قائمًا على أساس الدين) (^١).
وفي عهد فلاسفة اليونان كانت العقائد والقيم لها مكانتها الأساسية في التوجيه ومعايير القبول والرد فأفلاطون (^٢) -مثلًا- كان (. . . لا يبيح الشعر في دولته إباحة مطلقة بل يقيدها بأن يكون ذلك الشعر الذي ينشد في الدولة هو الشعر الذي ينشد في تسبيح اللَّه وتمجيده، وفي مدح الصلاح، وفي التعرف على الحقيقة. . .) (^٣).
وقد سجل أفلاطون موقفه هذا في كتابه الجمهورية وبين أنه سيقبل الشعر بشرط أن يكون ضمن إطار القيم والعقائد في مجتمعهم فيقول: (إننا سنسمح لأنصاره الذين يحبونه -وإن لم يكونوا شعراء- بالدفاع عنه نثرًا ليثبتوا لنا أنه لا يقتصر على بعث الشرور في النفوس، بل إنه نافع للدولة