الثامن عشر كانت طلائع النقد الهادم للدين النصرانيّ واليهوديّ قد قطعت شوطًا كبيرًا وألقت بظلال من الشك على التوراة والإنجيل وعلى الأصل الموسويّ لأسفار موسى الخمسة (^١) حتى قال قائلهم في عام ١١٥٢ هـ/ ١٧٤٠ م: (لقد أصبح الكثيرون من الناس يعتقدون بأن المسيحية هي في نهاية المطاف خرافة) (^٢).
ولقد أسهم هذا التيار الجديد في هدم البقية الباقية من الدين النصرانيّ المحرّف، وتميز العصر المسمى عصر التنوير ١١٠١ - ١١٤٢ هـ/ ١٦٩٠ - ١٧٣٠ م (^٣) بالمناظرات الشديدة التي دارت حول المسيحية بين أولئك الذين يسمون أنفسهم بـ "الربوبيين" وبين أتباع الكنيسة المتعصبين لها (^٤).
هذا هو التيار الثالث المتولد بين صرحاء الإلحاد ومتعصبة النصرانية، وهو ما أطلق عليه اسم "الربوبيون" فهل هم فعلًا يؤمنون برب خالق قادر متصرف هو اللَّه الحكيم العليم، أم أن لهم ربًا آخر يؤمنون به؟.
المذهب الربوبيّ في المفهوم الغربيّ الماديّ هو كما عرفته الموسوعات الفلسفية: (وجهة النظر التي تؤكد الاعتقاد بوجود إله غير شخصيّ كسبب أوليّ للعالم وليس كإله الديانات الكتابية. . . ويعتقد الربوبيّ أن اللَّه خلق العالم وتركه يعمل وفق قوانينه ودون تدخل منه، ومن ثم ينفي القدرة المطلقة والعلم المطلق عن اللَّه. . .) (^٥).
ومما جاء في الموسوعة الفلسفية التي وضعها لجنة من العلماء والأكادميين السوفياتيين: (الربوبية: الاعتقاد بوجود إله كسبب أوليّ لا