291

Thematic Interpretation 2 - Al-Madinah University

التفسير الموضوعي ٢ - جامعة المدينة

Daabacaha

جامعة المدينة العالمية

Noocyada

حَكِيمًا﴾ (النساء: ١٦٣ - ١٦٥)، وقال: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ (غافر: ٧٨).
وكان كل رسول قبل محمد ﷺ يرسَلُ إلى قومه خاصة، ولهذا أرسل الله أكثر من رسول في زمن واحد، كما ترى ذلك في إرسال إبراهيم ولوط ﵉، وفي إرسال يعقوب ويوسف وهو ابن يعقوب، وكلاهما نبي مرسَل، وزكريا ويحيى وعيسى ﵈، كما أن كل رسول يرسَل كان يرسل لفترة من الزمان، فتبقى رسالته من بعده إلى أن يعتريها التبديل والتحريف؛ حينذاك يرسل الله رسولًا آخر؛ لأن الله برحمته لا يترك الناس حيارى يتخبطون في متاهات الباطل، فلما وصلت الإنسانية إلى مرحلة كانت بحاجة إلى رسالة جامعة باقية، اختار الله من خلقه رجلًا رباه وصنعه صناعة إلهية، ذلكم الرجل هو محمد بن عبد الله ﷺ.
ولعله لا يخفى عليكم كيف ربى الله محمدًا واختاره جامعًا لصفات الكمالات البشرية التي وهبه إياها، فأرسله للناس كافة وجعله خاتمًا لرسل الله، وجعل معجزته التي تثبت نبوته قرآنًا يتلى، وتولى بنفسه حفظ هذا القرآن، فلم تستطع قوة في الأرض عبر القرون أن تغير فيه حرفًا، ونقشه حروفًا على صفحات القلوب، فلم يصل إليه أحد من الحاقدين والحاسدين والماكرين ليطمس حرفًا من حروفه أو كلمة من كلماته.
وبقي القرآن نورًا يضيء للناس الطريق، وسوف يبقى كذلك ما بقيت الحياة، وآيات القرآن التي توضح ذلك كثيرة في كتاب الله، ومما يلفت النظر في هذه الآيات أنها آيات مكيّة، مما يعني أن عالمية الرسالة لم تكن كما يدّعي آيات الإسلام وليدة التطور التاريخي للدعوة، وأن محمدًا انتقل بالدعوة من السرية

1 / 325