The War Messages in the Era of the Ayyubid State
الرسائل الحربية في عصر الدولة الأيوبية
Daabacaha
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Noocyada
من أرجاسهم، والهواء من انفاسهم، بحيث لا يعود منهم مخبر يدل الكفار على عورات المسلمين"١
وفي هذه الرسالة يحذر المسلمين بعد هذا الانتصار الباهر من مكر الصليبيين وغدرهم، وهنا يحل حديثنا لرسول الله ﷺ وهو: " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ".. ويقول: " ان اللدغة الأولى تكفي لمن له في النظر تفقه ".
ثم يرسل إليه كتابًا ثانيًا، والذي بين أيدينا منه قطعة فيها تهنئة بالظفر، ثم يأمره بالإسراع بقتل الأسارى، ليتعظ غيرهم بما نالهم، فليس في قتل هؤلاء الكفار مراجعة، ولا للشرع في إبقائهم فسحة، ولا في استبقاء واحد منهم مصلحة ٢. فالله قد أباح قتلهم لغدرهم، أن الغرض من ذلك تهديد غيرهم، فالجرم الذي اقترفوه كبير، لولا لطف الله العلي القدير.
ويلحق هذا الكتاب بثالث، ويستعجله فيه بضرورة القضاء عليهم ونصه " قد تكرر القول في معنى أسارى بحر الحجاز، فلا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ٣، ولا توردهم بعد ماء البحر إلا نارا، فأقلهم إذا بقى جنى الأمر الأصعب ’، ومتى لم تعجل الراحة منهم، وعدت العاقبة بالأشق الأتعب "٤
وتنفيذ لأوامر السلطان صلاح الدين، تولى الصوفية والفقهاء قتلهم ٥ جميعا، وهذه الرسائل الثلاث في قصرها تشبه البرقيات في عصرنا الحالي، كما أنها تدل على حنكة عسكرية من السلطان صلاح الدين القائد المظفر، إذ يرى ضرورة القضاء على هؤلاء الأسارى ’ شارحا في إيجار الدواعي التي من أجلها يأمر بالقضاء عليهم، وألا يستثنى من هذا الحكم أحدا منهم.
وقد اهتم المؤرخون بالاحتفاظ بالرسالة الأولى كاملة تقريبًا، أما الرسالتان التاليتان، فقد احتفظوا بقطعتين منهما.
وكان لهذه السرعة وهذا الإيجار أثرهما في أسلوب هذه الرسائل، فالمقدمة في الكتاب الأول قصيرة، وأرجح أن مقدمة الكتابين التاليين كانت تنهج نفس السبيل، ولم تسهب الرسالة الأولى في وصف سير المعركة، وكذلك بالنسبة لوصف الأسارى والانتصار عليهم، وطلب السلطان صلاح الدين القضاء عليهم.
_________
١ نفس المرجع السابق.
٢ أبو شامة: الروضتين جـ ٢ ص ٣٦.
٣ سورة نوح آية ٢٦.
٤ أبو شامة: الروضتين جـ ٢ ص ٣٦، ٣٧.
٥ أبو شامة: الروضتين جـ ٢ ص ٣٥
58 / 174