The War Messages in the Era of the Ayyubid State
الرسائل الحربية في عصر الدولة الأيوبية
Daabacaha
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Noocyada
وبداخل الحصن ما يزيد على أَلف وخمسمائة رجل، ولديهم الجروخ١ الوثيقة، "وقد نصبت عليه مجانيق يروع خاطر الجسارة منظرها، وتلتهم الحصون فكيف الخيام حجرها؟، ويسري إلى الأجساد خبرها، وحفر له خندق أحاط بالمدينة سرادقه، وفتحت أبوابها ثقة بما صانته مغالقه، وقد بنوه حتى لا تنهار حروفه، ووسعت حتى لا تنجار جروفه٢.
ثم ركب السلطان صلاح الدين ثاني يوم الأحد إلى صفد، فقطع منها قضب الكروم والأخشاب، فأما الكروم فليجعلها ستائر للمنجنيقات للتمويه على العدو مثلما تفعل الجيوش المحاربة في العصر الحاضر، وأما الخشب ونشارته فبغرض إيقاد النار في أسوار الحصن بعد نقبها.
وعاد السلطان صلاح الدين في نفس اليوم إلى المخاضة، واستقر رأيه على قتال الحصن بطريقتين، وهما القتال زحفا مع نقب الأسوار في آن واحد.
ونقف قليلًا أمام هذه العبارة "وعلم- أي صلاح الدين- أن أمرًا أَوله الاستخارة، وأوسطه الاستشارة، وخاتمته الجسارة، فإن الجامع بينها لا يندم٣".
ففيها رغم إيجازها وصف كامل للحالة النفسية للمقاتلين الذين يستعينون بالله على محاربة عدوهم، ثم يليها استشارة القائد ضباطه لأخذ آرائهم، ثم الشجاعة والجرأة التي تنجم عن تعبئة روحية عالية، تكون النتيجة الظفر على الأعداء بإذن الله.
ثم يلي ذلك وصف المعركة، ومنه: "وفي الحال أَطافت بالحصن المقاتلة من جميع أقطاره، ولبوا تلبية الحجيج، وكل يرمي جمرة سهم، وعبرت الآجال المسماة على قناطر القسي المحنية، وقدحت زنودها البيض شرار جمر المنية، فصارت الأبرجة كأنها مستلئمة
_________
١ الجرخ (GARKH) مأخوذ عن الفارسية (تشرخ TCHARKH) وهو نوع من القوس الرامي، ترمي عنه النشاط أو النفط، هكذا تصفه النصوص وهكذا وصفه دوزي بأنه:
(UNEARBOLETE AVEC LA QELLE ON LANCAIT، SOIT DE FLECHES LE NAPHTE)
وقد ذكر مرضي بن علي في تبصرة أبصار الألباب ص ٦، ٨ (أربعة أنواع للقوس الرامي الذي يشبه المنجنيق، وهو قوس الزياد، قوس العقاد، قوس الرجل، ويقال للذي يرمي عن قوسه السهام أو النفط «الجرخي»، ويقابله بالفرنسية (ARBALETRIER)
والجمع «الجرخية»، وقد عقد الحسن بن عبد الله في كتابه آثار الأول ص ٦٠ فصلا عن صفة القسي والنشاب، أضاف إليه فيه معلومات قيمة عن الشعوب التي تؤثر استعمال الجرخ، والقوس العقاد، وأين يستعمل كل منهما؟. لأن القوس الجرخ يصنع من القرن، والعقاد يصنع من الخشب.. الخ.
٢ من ترسل القاضي الفاضل اللوحة ٧٧.
٣ من ترسل القاضي الفاضل اللوحة ٧٨.
57 / 138