(مشاغبة دهماء) لم تجد من يكبحها" (^١) فإن في ذلك غمزًا في شخصية وشجاعة عثمان ﵁، وهي حقًا فتنة دهماء، ولكن عدم كبحها يعد منقبة لعثمان ﵁ لما فيه من تضحية في سبيل الله، رجاء تحصيل مصلحة للأمة، وعملًا بوصية رسول الله ﷺ.
وبينما كان عثمان ﵁ في داره، والقوم أمام الدار يحاصرونها، دخل ذات يوم ذاك المدخل الذي قدمنا أن داخله يسمع كلام من على البلاط، فإذا هو يسمع توعد المحاصرين له بالقتل، ويبدو أنه لم يكن يتوقع قبل هذا أن الأمر سيبلغ هذا المبلغ.
فخرج من المدخل، ودخل على من معه في الدار، ولونه منتقع، فقال: "إنهم ليتوعدونني بالقتل آنفًا، فقالوا له: يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين، فقال ولم يقتلونني؟! وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: رجل كفر بعد إيمانه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسًا بغير نفس" فوالله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط، ولا تمنيت أن لي بديني بدلًا منذ هداني الله، ولا قتلت نفسًا؛ ففيم يقتلونني؟ " (^٢).