وبعد عقد الصلح، كتب عثمان ﵁ كتابًا إلى أهل العراق، يقول فيه: "إن جيش ذي المروة نزلوا بنا فكان مما صالحناهم عليه: أن يؤدى إلى كل ذي حقٍّ حقه، فمن كان له قِبَلنا حق فليركب إليه، فإن أبطأ أو تثاقل فليتصدق فإن الله يجزي المتصدقين" (^١).
وبعد هذا الصلح العظيم وعودة أهل الأمصار جميعًا راضين، تبين لمشعلي الفتنة أن خطتهم قد فشلت، وأهدافهم الدنيئة لم تتحقق، لذا خططوا تخطيطًا آخر، يُذكي الفتنة ويحييها، ويدمر ما جرى من صلح بين أهل الأمصار وعثمان ﵁ وبرز ذلك فيما يأتي:
في أثناء طريق عودة أهل مصر، رأوا راكبًا على جمل يتعرض لهم، ويفارقهم -يظهر أنه هارب منهم- فكأنه يقول: خذوني، فقبضوا عليه، وقالوا له: ما لك؟ فقال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر، ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان ﵁ وعليه خاتمه إلى عامل مصر، فتحوا الكتاب فإذا فيه أمر بصلبهم أو قتلهم أو تقطيع أيديهم وأرجلهم، فرجعوا إلى المدينة حتى وصلوها (^٢).