لا تؤخذ من أفراح الناس وسرورهم، ولا من أحزانهم وغمومهم، وإنما تؤخذ من القرآن أو السنة أو الإجماع، وليس مع من ادعى جواز الاحتفال بالمولد النبوي دليل على ما ادعاه لا من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع، وعلى هذا فدعواه باطلة مردودة.
الوجه الثالث: أن يقال قد دلت السنة على ذم المحدثات والتحذير منها، وقد تَقدَّم إيراد الأحاديث الدالة على ذلك في أول الكتاب فلتراجع، وبدعة المولد من المحدثات التي قد أحدثت بعد زمان رسول الله ﷺ بنحو من ست مائة سنة وهي داخلة فيما ذمة رسول الله ﷺ وحذر منه.
الوجه الرابع: أن يقال إن الفرح والسرور بالنبي ﷺ ينبغي أن يكون على الدوام، ولا يكون مقصورًا على ليلة واحدة من كل سنة.
وأما قوله: وقد انتفع بذلك الاحتفال الكافر، فقد جاء في صحيح البخاري أنه يخفف عن أبي لهب كل اثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشرته بولادة المصطفى ﷺ.
فجوابه من وجوه أحدها: أن يقال لم يجيء في صحيح البخاري أنه يخفف عن أبي لهب العذاب كل اثنين ولا أن أبا لهب أعتق ثويبة من أجل بشرتها إياه بولادة المصطفى ﷺ، فكل هذا من التقول على البخاري، وقد روى البخاري في أول "كتاب النكاح" من صحيحه في باب ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ من طريق الزهري عن عروة بن الزبير أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته أن