71

The Story of Moses and Al-Khidr

قصة موسى والخضر

Noocyada

قوة تمسك الصحابة بالأوامر الشرعية في صحيح مسلم عن أبي مسلم الخولاني رحمه الله تعالى، قال: (حدثني الحبيب الأمين فأما الحبيب فإنه حبيب إلى نفسي، وأما الأمين فهو أمين عندي، وهو عوف بن مالك قال: (ذهبنا مع ثمانية نفر إلى النبي ﵌، فقال: ألا تبايعونني، قلنا: يا رسول الله! قد بايعناك، فعلى أي شيء نبايعك؟ قال: تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة ولا تسألوا الناس شيئًا) قال عوف: (فكنت أرى بعض أولئك النفر يركب أحدهم على دابته، فيسقط سوطه، فلا يطلب من أحد أن يناوله إنما ينزل عن فرسه فيأخذ سوطه) . فكانوا إذا ألقي عليهم الأمر التزموه. وبهذا سادوا الدنيا واستحوذوا -نحسبهم كذلك والله حسيبهم- على الآخرة؛ لأن اتباع النبي ﵌ وما جاء به من قرآن وسنة كبيان للقرآن إنما هذا هو سبيل الفلاح في الآخرة، وفي هذه الدنيا لا يستطيع رجل أن يطأ رأسك ولا يطأ جناحك؛ لأنك تركن إلى ملك قوي. تجد دولة صعلوكة ترفع رأسها وتتبجح، لماذا؟ يقولون: أمريكا معنا، وروسيا معنا، وهل هذا مسوغ؟ يقولون: نعم. إذا أردنا أسلحة جاءتنا، وإذا أردنا قمحًا جاءنا؛ لأننا نركن إلى دولة عظمى، فكيف إذا اعتقدت اعتقادًا عمليًا ليس مجرد اعتقاد نظري أنك تركن إلى ملك الملوك الذي لا يعجزه شيء، فأصحاب الباطل أحيانًا تكون عندهم من العزم ما لو وجد عند أهل الحق لم تكد ترى باطلًا في الأرض. في إضرابات إيرلندا منذ مدة أضرب زعيم لهم عن الطعام حتى مات وهو يطالب بحقوق للعمال، مع أن هذه السياسة كافرة، الإسلام لا يعرف الإضراب عن الطعام حتى يهلك المرء، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (لو أن عبدًا كان يمشي في صحراء فاستبد به الجوع فلم ير إلا خنزيرًا منتنًا فلم يأكله فمات دخل النار)، لأن الله أحل لك هذا في وقت الضرورة، حتى لا تهلك نفسك، إذ أن حفظ النفس أحد الخمس التي جاء بها الشرع: أن تحفظ نفسك من الموت، فهذا يعاني الموت بسبب الجوع لمبدأ يراه حقًا. فسبحان الله! إن أهل الحق تنقصهم جرأة تنبع من صميم اعتقادهم أنها لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، إذا ركن الرجل إلى ربه ساد الدنيا، والله تعالى يقول عن الآخرة: ﴿وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف:٣٥] فهي له أيضًا. فكان أحدهم يسقط سوطه على الأرض فلا يطلبه، ولما نهى النبي ﵌ أن يمس الرجل ذكره بيمينه، أو أن تمس المرأة فرجها بيمينها، وإنما جعل اليد اليسرى للاستنجاء وما كان من أذى قال عوف: (ما مسست ذكري بيميني منذ بايعت النبي ﷺ وسمعت منه هذا) . هذا الالتزام العظيم إنما يقاس بحبهم لدينهم، وهذا ينقصنا الآن. وفي المقابل رجل طرح عليَّ هذا السؤال قال وهو يدخن: هل التدخين حرام؟ قلت: نعم. فأخذ نفسًا عميقًا، وقال: أليس بمكروه؟ أقول له: حرام، ولا يتوقف قليلًا ليعلم لِمَ حرام، بل يرد عليَّ بنفس آخر عميق. -كثير جدًا من الناس إذا ألقي عليهم الأمر يجيبك بمنتهى البلادة والوقاحة- إن الدين يسر. فقلت له: هب أنه مكروه فهل نفسك تطيب بفعل المكروه؟ فسكت، فهذه النماذج قارنها بالسلف الأول لتعلم أنهم عبروا بحرًا نحن نقف على شاطئه. بأيمانهم نوران ذكر وسنة فما بالهم في حالك الظلمات هذا هو الفرق بيننا وبينهم، وهو فرق لا شك أنه كبير جدًا. فالمسألة إذًا في شرعنا لا تجوز إلا في الأحوال الثلاثة التي ذكرتها، فهل هذه الآية يمكن أن نخرج معناها على واحدة من هذه الأحوال الثلاثة أم لا؟

7 / 9