400
طلوع الشمس من مغربها
والشمس كُلَّمَا غَرَبَتْ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ وَاسْتَأذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ (^١)، فَأُذِنَ لَهَا، حَتَّى إِذَا بَدَا للهِ أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَعَلَتْ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ، أَتَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَسَجَدَتْ، فَاسْتَأذَنَتْ فِي الرُّجُوعِ، فَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ تَسْتَأذِنُ فِي الرُّجُوعِ فلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ تَسْتَأذِنُ، فلَا يُرَدُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَذْهَبَ، وَعَرَفَتْ أَنَّهُ إِنْ أُذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ لَمْ تُدْرِكْ الْمَشْرِقَ، قَالَتْ: رَبِّ مَا أَبْعَدَ الْمَشْرِقَ، مَنْ لِي بِالنَّاسِ؟، فَيُقَالُ لَهَا: مِنْ مَكَانِكِ فَاطْلُعِي، فَطَلَعَتْ عَلَى النَّاسِ مِنْ مَغْرِبِهَا (^٢)، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا، ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ (^٣). مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا؛ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ.

(^١) قال القرطبي: عبارة عن انتهائها إلى أن تُسامت جزءًا من العرش معلومًا بحيث تخضع عنده وتذل، وهو المعبر عنه بسجودها، وتستأذن في سيرها المعتاد لها من ذلك المحل.
(^٢) وهي أَوَّلَ الْآيَاتِ العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي خُرُوجًا.
(^٣) طلوع الشمس من مغربها وهو أَوَّلَ الْآيَاتِ العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العُلوي. وجاء في الحديث: (ثلاث إذا خرجن؛ لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض).

1 / 441