The Story of Life
قصة الحياة
Noocyada
خروجه ﵊ إلى الطائف
وفي شوال سنة (٣ ق هـ) خرج النبي ﷺ إلى الطائف، وهي تبعد عن مكة نحو ستين ميلًا، سارهًا ماشيًا على قدميه جيئة وذهابًا، ومعه مولاه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام، فلم تجب إليه واحدة منها، فلما انتهى إلى الطائف عمد إلى رؤسائها فدعاهم فلم يستجيبوا له، فأقام بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا: اخرج من بلادنا. وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا له سِمَاطَيْن [أي صفين] وجعلوا يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء. وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شِجَاج في رأسه، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف، ورجع رسول الله ﷺ في طريق مكة بعد خروجه من الحائط كئيبًا محزونًا كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة، فقال النبي ﷺ: "بل أرجو أن يخرج الله ﷿ من أصلابهم من يعبد الله ﷿ وحده لا يشرك به شيئًا". وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول ﷺ تتجلى رحمته وحرصه على أمته، وما كان عليه من خلق عظيم.
ولما انصرف النبي ﷺ من الطائف راجعًا إلى مكة، حتى إذا كان بنخلة (^١)، قام من جوف الليل يصلي، فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تعالى، وكانوا سبعة نفر من جن أهل نصيبين (^٢)، فاستمعوا لتلاوة الرسول ﷺ، فلما فرغ من صلاته، ولَّوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، وبعد عدة أشهر من لقاء الوفد الأول من الجن برسول الله ﷺ، جاء الوفد الثاني متشوقًا لرؤية الحبيب المصطفى ﷺ، والاستماع إلى كلام رب العالمين.
(^١) نَخْلَةَ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، على مسيرة ليلة من مكة. (^٢) نَصِيبِينُ: مدينة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام بينها وبين الموصِلِ ستَّةُ أيامٍ.
1 / 222