The Story of Civilization

Will Durant d. 1402 AH
120

The Story of Civilization

قصة الحضارة

Daabacaha

دار الجيل

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

الرئيس شيئًا كان يريد ذكره في الخطاب، أرسل عبدًا آخر بنفس الطريقة ليكون "حاشية" للخطاب الأول. ثم تدرجت عبادة الأشباح حتى أصبحت عبادة للأسلاف؛ فقد بات الناس يخافون موتاهم جميعا ويعملون على استرضائهم خشية أن يُنزلوا لعناتهم على الأحياء فيجلبوا لهم الشقاء؛ وكأنما كانت هذه العبادة للأسلاف مهيأة على نحو يجعلها ملائمة لتدعيم المجتمع من حيث سلطانه ودوامه، وللتمكين من روح المحافظة على القديم والاحتفاظ بالنظام؛ حتى لقد شاعت شيوعًا سريعًا في كل أرجاء المعمورة فازدهرت في مصر واليونان وروما، ولا تزال قائمة ومستولية على النفوس بقوة في اليابان والصين الآن؛ وإن كثيرًا من الشعوب ليعبدون أسلافهم دون أن يكون لديهم إله (^١)؛ ولقد عمل هذا الاتجاه على ربط أواصر الأسرة ربطًا وثيقًا؛ على الرغم من كراهة الخلف لهذا النظام وكذلك كان لكثير من المجتمعات البدائية بمثابة إطار خفي ينتظم الأفراد في مجموعة متماسكة؛ وكما أن القهر أنهى إلى أن يكون ضميرًا، فكذلك الخوف تطور حتى أصبح حُبًّا؛ فشعائر عبادة الناس لأسلافهم، التي يرجح أنها كانت وليدة الخوف في أول الأمر، قد أثارت في القلوب بعدئذ شعور الرهبة، ثم تطور أخيرًا إلى ورع وتقوى؛ وكذلك ترى الاتجاه في الآلهة أن يبدءوا في صورة الغيلان المفترسة ثم ينتهون في صورة الآباء الذين يحبون أبناءهم؛ وهكذا يتحول الصنم المعبود على مر الزمن إلى مثل أعلى منشود، كلما عملت زيادة الاطمئنان والأمن والشعور الخلقي لدى العابدين على الحد من وحشية آلهتهم كما تصوروها أولا، وتحوير ملامحهم تحويرًا يلائم الطور الجديد؛ إن البطء في سير المدنية ليتمثل في تأخر المرحلة التي أحس فيها الناس بحب آلهتهم.

(^١) بقايا عبادة الأسلاف لا تزال قائمة بيننا متمثلة في عنايتنا بالقبور وزيارتها، وفي قداسنا وصلاتنا من أجل الميت.

1 / 109