62

The Siwak and the Sunnah of Fitrah - Al-Muqaddim

السواك وسنن الفطرة - المقدم

Noocyada

حلق اللحية رغبة عن سنّة النبي ﷺ ومخالفة لهديه وسمته إن حلق اللحية رغبة عن سنة النبي ﵌، يقول الله ﷿ في حقه ﷺ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:٦٣]، وقال ﷿: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧]، وقال ﵎: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء:٨٠]، وقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب:٢١]. وقال ﷺ: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقال: (من رغب عن سنتي فليس مني)، وقال: (ليس منا من عمل بسنة غيرنا)، فمن سنته ﵌ -سواء السنة القولية أو الفعلية- إعفاء اللحية، يقول أنس ﵁: (كانت لحيته ﷺ قد ملأت من هاهنا إلى هاهنا، وأمر يده على عارضيه). وعن جابر بن سمرة ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ قد شمط مقدم رأسه ولحيته)، معنى شمط: ابتدأ ظهور شعيرات قليلة بيضاء، (وكان إذا ادهن لم يتبين)، فكان الطيب يخفي لون الشعيرات البيضاء القليلة، (وإذا شعث رأسه تبين) أي: إذا تفرق شعر رأسه بان الشيب، (وكان كثير شعر اللحية ﵌. وعن البراء بن عازب ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ كث اللحية). وعن علي ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ عظيم اللحية). وإذا كان المحب مولعًا أبدًا باتباع حبيبه والاقتداء به، فماذا نقول لمن ظهرت عليهم آثار المعصية وشذوا عن الشرع المطهر ورفضوا إعفاء اللحية؟! نقول: حسابهم على الله، لكن ما بال هؤلاء يفرضون على كل من يحب رسول الله ﵊ أو يقتدي به في هذه السنة فلا يجدون علامة يؤذونه بها إلا أن يقولوا: هذا ملتحي! لأنه متمسك بسنة الرسول عليه الصلاة السلام. فتجد الإنسان يمتحن بسبب لحيته، وربما يفصل من العمل بسببها! ما الجريمة التي ارتكبها مثل هذا؟ لماذا لا تأخذونها من جانب الحرية الشخصية التي تتشدقون بها في تقليد الكفار؟ لماذا تعطى الحرية لكل فاسد وفاسق إلا المسلم المتبع لسنة رسول الله ﵌؟! فويل لهم مما يصنعون من الصدّ عن سبيل الله ﵎، وامتحان الناس بسبب حرصهم على اتباع رسول الله ﵌. فإذا ظهرت هذه الموضة أو فعلها بعض الممثلين أو لاعبو الكرة أو غيرهم، واقتدى بهم الشباب في ذلك، فهذا شيء جيد، وهذه عصرية وتنوّر وتقدم وحضارة، أما إذا فعلوها اقتداء بالرسول ﵊ نالوا الأذى والابتلاء بسبب ذلك! عن يزيد الفارسي قال: (قلت لـ ابن عباس ﵄: رأيت رسول الله ﷺ في النوم. قال ابن عباس: فإن رسول الله ﷺ كان يقول: (إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي، فمن رآني في النوم فقد رآني)، فهل تستطيع أن تنعت لنا هذا الرجل الذي رأيت؟ قال: نعم، رأيت رجلًا بين الرجلين، جسمه ولحمه أسمر إلى البياض، حسن المضحك، أكحل العينين، جميل دوائر الوجه، قد ملأت لحيته من هذه إلى هذه حتى كادت تملأ نحره. فقال ابن عباس ﵄: لو رأيته في اليقظة ما استطعت أن تنعته فوق هذا). وهذا الحديث فيه فائدة نذكرها وهي قوله ﵊: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي)، فمن زعم أنه قد رأى النبي ﷺ في المنام، فلا يجزم بأن الذي رآه في المنام هو رسول الله ﷺ إلا إذا وافقت صفاته في المنام الصفةَ المحكية عنه في صفاته الخَلْقية ﵌. وعن أم معبد: ﵂ قالت: (كان رسول الله ﷺ كثيف اللحية). وقال أبو معمر قلنا لـ خباب بن الأرت ﵁: (أكان رسول الله ﷺ يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. فقلنا له: بم كنتم تعرفون قراءته؟! -يعني هذه صلاة سرية لا يسمع فيها صوت القراءة فبم كنتم تعرفون قراءته؟! -وفي رواية قال: من أين علمت؟ قال: باضطراب لحيته)، معنى ذلك: أنك إذا رأيت الإنسان من وراء ظهره، وكانت لحيته تتحرك، فهذا يعني أنها لحية كبيرة، حيث أنها تتحرك إذا حرك شفتيه بالقراءة. وفي قصة صلح الحديبية: (أن عروة بن مسعود جعل يكلم رسول الله ﷺ، فكان كلّما كلّمه مدّ يده وأخذ بلحية النبي ﷺ -وكانت هذه عادة عند العرب- والمغيرة بن شعبة قائم على رأس رسول الله ﷺ، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية رسول الله ﷺ ضرب - المغيرة - يده بنعل السيف، وقال: أخّر يدك عن لحية رسول الله ﷺ، يؤخذ من هذا أن لحيته ﷺ كانت عظيمة. وعن أنس ﵁: (أن النبي ﷺ كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء فأدخله تحت حنكه، فخلّل به لحيته وقال: هكذا أمرني ربي ﷿، وتخليل اللحية بابٌ عَقَده الفقهاء في أبواب الوضوء، وعن عثمان ﵁: (أن النبي ﷺ كان يخلل لحيته).

6 / 4