The Siwak and the Sunnah of Fitrah - Al-Muqaddim
السواك وسنن الفطرة - المقدم
Noocyada
خطاب الله لنبيه ﵊ ودخول الأمة معه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم أما بعد: يقول الله ﷾: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ [الأنعام:٩٠]، وإذا أتى أمر من الله ﷿ في حق من هو قدوة فيتضمن ذلك أمر هؤلاء المقتدين بأن يستمعوا ويمتثلوا ذلك الأمر؛ فإن الله ﷿ عندما ذكر في سورة الأنعام جملة عظيمة من الأنبياء في معرض الثناء عليهم، قال لنبينا ﵌ عقب ذلك: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ [الأنعام:٩٠]، فهذا أمر من الله ﷿ لنبينا ﵊ أن يقتدي بالأنبياء، وهو أمر لنا؛ لأنه أسوة لنا كما قال ﷿: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب:٢١]، وقال ﵎: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران:٣١]، وقال ﷿: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر:٧]، وقال: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء:٨٠].
فطاعة رسول الله ﷺ تعني طاعته في كل ما أمر به إلا ما قام فيه دليل على الخصوصية، وهذا واضح يمكن أن يستنبط من القرآن، فإنك إذا تأملت مثلًا قوله ﷿ في أول سورة الطلاق: ﴿يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق:١]، فالخطاب بدأ أولًا للنبي ﷺ، ثم بعد ذلك دخل فيه الخطاب لأمَّته ﵊؛ بدليل قوله: «إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ»، فالخطاب هنا بالجمع في قوله: «طَلَّقْتُمُ»، فهو موجّه لعموم الأمة، وهذا يدل على دخول النبي وأمته في هذا الحكم.
ويقول ﷿ في سورة التحريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم:١]، ثم قال بعد ذلك: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم:٢]، فدلّ هذا على عموم حكم الخطاب هنا، وأنه ليس فقط في حق النبي ﵊، وإنما هو يشمل أمته تبعًا.
وفي سورة الأحزاب يقول ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [الأحزاب:١]، ثم قال بعد ذلك في الآية الثانية: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [الأحزاب:٢] فدلّ هذا على دخول الأمة كلها في خطابه ﵌.
ويقول ﷿: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ [يونس:٦١]، ثم قال ﷿: ﴿وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا﴾ [يونس:٦١].
أما أصرح الأدلة في ذلك فإنها آية في سورة الروم وآية في سورة الأحزاب: فأما التي في سورة الروم: فهي قوله ﷿: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ [الروم:٣٠]، ثم بعد ذلك قال: «مُنِيبِينَ إِلَيْهِ»، فالخطاب أولًا للنبي عليه الصلاة السلام، ثم انتهى الكلام بقوله ﷿: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ﴾ [الروم:٣١]، فدلّ هذا على دخول الأمة أيضًا في ذلك فصار المعنى: فأقم وجهك يا نبي الله للدين حنيفًا في حال كونكم منيبين إليه، فلو لم تدخل الأمة حكمًا في الخطاب الخاص به ﷺ لقال: (منيبًا إليه) لكنه قال: «مُنِيبِينَ إِلَيْهِ».
أما آية الأحزاب: فهي قوله ﷿ في قصة زينب بنت جحش ﵂: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب:٣٧]، وهذا خطاب خاص بالنبي ﷺ، لكن الآية تصرح بشموله لجميع المؤمنين في قوله ﷿: ﴿لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ﴾ [الأحزاب:٣٧]، وقال ﷿: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب:٥٠]، فلو كان الحكم خاصًا بالنبي ﵊ لما احتيج أن يقول: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب:٥٠]، لكن أتى بهذا القيد حتى يكون الحكم خاصًا به ﵊ وإلا لكان عامًا للجميع.
6 / 2