أظهرتُ لكم حجةً إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي، وصدقتم مقالتي، واتبعتموني بلا برهان ولا حجة.
وأما السلطان الذي أثبته في قوله: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ [النحل: ١٠٠]، فهو تسلُّطُه (^١) عليهم بالإغواء والإضلال، وتمكُّنه منهم، بحيث يؤُزُّهم إلى الكفر والشرك ويُزعِجهم إليه، ولا يدعهم يتركونه، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ [مريم: ٨٣]، قال ابن عباس: «تُغريهم إغراءً» (^٢)، وفي رواية: «تُشْلِيهم إشلاءً» (^٣)، وفي لفظ: «تُحرِّضهم تحريضًا» (^٤)، وفي آخر: «تُزعِجهم إلى المعاصي إزعاجًا» (^٥)، وفي آخر:
(^١) م: «تسليطه».
(^٢) رواه ابن جرير في تفسيره (١٨/ ٢٥١)، وابن أبي حاتم - كما في فتح الباري (٨/ ٤٢٧) - من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وانظر: معاني القرآن للنحاس (٤/ ٣٦٠).
(^٣) لم أقف عليه من كلام ابن عباس، وورد من تفسير مجاهد، رواه عنه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٥/ ٥٣٨)، ومن تفسير ابن زيد، رواه عنه ابن جرير في تفسيره (١٨/ ٢٥٢).
(^٤) روى ابن أبي حاتم - كما في الدر المنثور (٥/ ٥٣٨) - عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿تؤزهم﴾ قال: «تحرّض المشركين على محمد وأصحابه». وانظر: تفسير ابن كثير (٥/ ٢٦٢).
(^٥) انظر: تفسير الثعلبي (٦/ ٢٢٩)، وتفسير الرازي (٢١/ ٢١٥)، وتفسير القرطبي (١١/ ١٣٧).