بثلاثٍ مفصولة" لا يخلو عن أحد أربعة وجوه:
إما أن يكون كراهيةَ إيقاع ركعةٍ منفردة، ولم يُعهَد ذلك في الصلاة.
وإما أن يكون كراهيةَ الاقتصار عليها، والنبي ﵌ لم يقتصر.
وإما أن يكون ذهابًا إلى حديث "مثنى مثنى".
وإما أن يكون كراهيةَ إيقاعها بدون سَبْقِ شَفْعٍ قبلها.
فأما الأول فشرطكم الفصلَ وقوعٌ فيما فررتم منه، ووجودُ الركعتين قبلها لا يُخلِّصها من كونها مفردة.
وأما الثاني فإن النبي ﵌ لم يقتصر على الثلاث أيضًا، فلِمَ اقتصرتم عليها؟
وأما الثالث فإن أقلَّ ما يقع عليه "مثنى مثنى" أربع، فلِمَ اقتصرتم على ركعتين؟
وأما الرابع فإن النبي ﵌ لم يُوتِرْ بثلاثٍ لم يَسْبِقْها شَفْع، وأنتم تزعمون أن الثلاث المفصولة وترٌ ولا تشترطون قبلها شفعًا.
إذا تقرر ما ذُكِر علمتَ أن الوتر في كلام الإمام عبارة عمّا صُلِّي وترًا بنيته موصولًا بتسليمةٍ واحدة: ركعة أو ثلاث أو خمس أو أكثر. وأما أهل مذهبه فإن الوتر في كلامهم عبارةٌ عما صُلِّي بنية الوتر، من ركعةٍ إلى أحد عشر، مع الوصل أو الفصل.
قلت: وظاهر قول الربيع: "فإنا لا نحب لأحدٍ أن يُوتِر بأقلَّ من ثلاثٍ، ويُسلِّم بين الركعة والركعتين من الوتر": أن مذهب مالك أن الوتر عبارة عن