The Quranic Discourse to the People of the Book and Their Attitude Towards It: Past and Present
الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
Noocyada
المطلب الأول: موقف منصفي أهل الكتاب قديمًا من القرآن الكريم
إن لأهل الكتاب موقفًا سلبيًا تجاه الخطاب القرآني قديمًا وحديثًا، وذلك بتكذيبه، ولهم موقف سلبي حديثًا حينما قاموا بمحاولة تحريف القرآن الكريم ليكون كغيره من الكتب السابقة، وهنا نذكر بعض المواقف للمنصفين منهم في كل زمانٍ ومكان، والذين يؤكدون صدق القرآن الكريم، وينبغي أن يعلم أن هذه الشهادات إنما نوردها هنا للذين يشككون في صدق القرآن الكريم ولإقامة الحجة عليهم، وأما المؤمن الصادق فإنه مستغن بالوحي عن إخبار أي مخبر، وما نذكره من شهاداتهم هنا إنما هو من باب قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ..﴾ (١)، ولذا فإننا نحن المسلمين يكفينا قوله ﵎: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ (٢).
ويكفينا أيضًا في الدلالة على ذلك ما جاء في الحديث عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: ﴿ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا﴾ (٣).
فحينما أرسل الله محمدًا ﷺ بالقرآن الكريم انقسم أهل الكتاب في مواقفهم إلى قسمين:
القسم الأول: الذين سماهم الله الراسخين في العلم، وهم من آمن وصدق بالقرآن عندما تأكد له أنه الحق الذي جاء موافقًا لما في كتبهم، وأن ما جاء به الرسول هو الحق، فلم يترددوا عن الدخول في الإسلام واتباع الرسول الخاتم، وقد قام بعض هؤلاء بأداء الشهادات التي تؤكد بذلك، كما سنذكرها في هذا المبحث.
القسم الثاني: المعاندون الذين عرفوا الحق وكفروا به، وهؤلاء قد قال الله تعالى عنهم: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)
(١) سورة الأحقاف الآية: (١٠). (٢) سورة الأنعام الآية: (١٩). (٣) أخرجه البخاري في كتاب الفضائل القرآن باب: كيف نزل الوحي، وأول ما نزل، (٤/ ١٩٠٥) برقم: (٤٦٩٦) مرجع سابق، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ إلى جميع الناس ونسخ الْمِلَلِ بِمِلَّتِهِ، (١/ ١٣٤) برقم: (١٥٢) مرجع سابق.
1 / 177