190

The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

Noocyada

ولما أرادَ الفادي أَنْ يُثيرَ إِشكالًا على الآية، ذَهَبَ إِلى تفسيرِ البيضاوي، ونَقَلَ منه ما قيلَ عن نُزولِ الآيةِ فيما جَرى لعمارِ بنِ ياسر ﵁، وهو بمعنى الروايةِ السابقةِ عندَ ابنِ كثير في تفسيره. وعَلَّقَ البيضاويُّ على الآيةِ والروايةِ بقوله: " وَهوَ دَليلٌ على جَوازِ التكلمِ بالكفرِ عندَ الإِكراه ... ". وعَلَّقَ الفادي على كلامِ البَيْضاويِّ بقوله: " ونحنُ نسأل: هل من الأَمانَةِ أَنْ يُزَوِّرَ الإِنسانُ في عقيدتِه ويُنْكِرَ إِلهه الحَيَّ في سبيلِ إِرضاءِ النّاس؟ قالَ المسيحُ: ومَنْ أَنْكَرَني قُدّامَ الناس، يُنْكَرُ قُدّامَ ملائكةِ الله ". واعتراضُ الفادي على الآيةِ لا قيمةَ له، لأَنَّ الآيةَ تتحدَّثُ عن رخصةٍ رَخَّصَ اللهُ بها لبعضِ المسلمين، أَنْ يَنْطِقوا بكلمةِ الكفر، عندما يُكْرَهون على ذلك، بمعنى أَنهم إِنْ لم يَنْطِقوا قُتِلوا، وبعضُ الناسِ قد يُحِبُّ الحياةَ، فتُجيزُ له الآيةُ ذلك بشرطِ أَنْ تكونَ كلمةً باللسان، للنَّجاةِ من القَتْل، وأَنْ يكونَ القلبُ مطمئِنًّا بالإِيمان. ومع أَنَّ الإِسلامَ يُجيزُ النطقَ بكلمةِ الكفْرِ للنجاةِ من القَتْلِ إِلَّا أَنَّ الأَوْلى والأَفضلَ للمسلمِ أَنْ لا يَنطقَ بها، وأَنْ يَثْبُت على الإِيمانِ حتى لو أَدّى ذلك إِلى قَتْلِه. قالَ ابنُ كثير: ".. اتفقَ العلماءُ على أَنَّ المكْرَهَ على الكفرِ يَجوزُ له أَن يُوالي، إِبقاءً لمهْجَتِهِ، ويَجوزُ له أَنْ يأبى، كما كان بلالٌ ﵁ يأبى عليهم ذلك، وهم يفعلونَ به الأَفاعيل، حتى إِنهم ليَضَعُونَ الصخرةَ العظيمةَ على صَدْرِه، في شدةِ الحَرّ، ويأمرونَه بالشرك، فيأبى عليهم وهو يقول: أَحَدٌ، أَحَدٌ.. ويقول: واللهِ لو أَعلمُ كلمةً هي أَغيظُ لكم منها لقُلْتُها. ﵁ وأَرضاه. وكذلك حَبيبُ بنُ زَيْدٍ الأنصاري، لما قالَ له مسيلمةُ الكذاب: أَتشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله؟ فيقولُ: نعم. فيقولُ: أتشهدُ أَني رسولُ الله؟ فيقولُ: لا أَسمع! فلم يَزَلْ يُقَظعه إِرْبًا إِرْبًا وهو ثابتٌ على ذلك ".

1 / 198