فالمعنى العام لقوله - تعالى ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أي بين لنا وأرشدنا إلى سلوك الطريق المستقيم بالعلم النافع والعمل الصالح بمعرفة الحق والعمل به، ووفقنا فيه وثبتنا عليه، وزدنا هداية وأيمانًا وعلمًا، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ (٢)، وقال تعالى ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ (٣) ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ أيمَانًا﴾ (٤).
فالعبد في كل لحظة، وفي كل حال، وعند كل مسألة محتاج أعظم الحاجة إلى الهداية إلى الصراط المستقيم.
وذلك بان يهتدي لمعرفة الحق والحكم في كل مسألة، ويوفق للعمل بما طلب منه سواء كان ذلك فعلًا أو تركا.
قال الطبري (٥) في كلامه على قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾: «ومعناه نظير معني قوله: ﴿إياكَ نَعْبُدُ﴾ في أنه مسألة من العبد ربه بالتوفيق للثبات على العمل بطاعته. وإصابة الحق
(١) سورة الكهف، الآية: ١٣.
(٢) سورة مريم، الآية: ٧٦.
(٣) سورة محمد، الآية: ١٧.
(٤) سورة التوبة، الآية: ١٢٤.
(٥) في «تفسيره» ١: ١٦٦.