The Pure Rhetoric in Meanings, Clarity, and Elocution
البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع
Daabacaha
المكتبة الأزهرية للتراث القاهرة
Lambarka Daabacaadda
سنة ٢٠٠٦ م
Goobta Daabacaadda
مصر
Noocyada
وقوله - جل شأنه- ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ﴾ [الضحى: ٩، ١٠]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [النحل: ١١٨].
تقديم بعض المعمولات على بعض
يقدم بعض المعمولات على بعض، لأغراض بلاغية، من أهمها:
أ- أن يكون التقديم هو الأصل، ولا مقتضى للعدول عن ذلك الأصل كقولك: فهم الطلاب الدرس، فقد قدم (الطلاب) لأنه فاعل، والأصل فيه أن يقدم على المفعول.
وكالمفعول الأول في نحو: (أعرت محمدًا كتابًا) فالأصل فيه التقديم لما فيه من معنى الفاعلية لأنه الآخذ للكتاب، فهو في قوة قولك: أخذ محمد كتابًا.
ب- أن يكون ذكره أهم، والعناية به أتم، بأن يكون تعلق الفعل بذلك المقدم هو المقصود بالذات لغرض من الأغراض، كما إذا عاش شقي في البلاد فسادًا، فهاجمه شرطي وقتله "فأردت أن تخبر بذلك"، قلت: (قتل الشقي الشرطي)، إذ المقصود الأهم هو تعلق القتل بالشقي لينجو الناس من شره ويتقوا أذاه، فهم لا يعنيهم: أقلته شرطي أم غير شرطي؟
فإذا كان هناك رجل ضعيف هزيل لا يستطيع أن يدفع الأذى عن نفسه فقتل رجلًا، وأردت أن تخبر عن ذلك قلت: قتل فلان رجلًا، فتقدم الفاعل حينئذ، لأن الذي يهم الناس من شأن هذا القتيل: صدوره من رجل لا يظن فيه ذلك، ولا يهمهم بعد ذلك أكان المقتول زيدًا أم عمرًا.
ولهذا قدم الله تعالى الوعد برزق المخاطبين على الوعد برزق أولادهم في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥١] لأن الخطاب - هنا- للفقراء، بدليل قوله: "من إملاق" أي: بسبب فقر وعور، لأن رزقهم موضع اهتمامهم ومحط آمالهم.
وقد الوعد برزق أولادهم على الوعد برزقهم، في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ [الإسراء: ٣١] لأن الخطاب هنا
1 / 157