The Prophet's Vision of His Lord

رؤية النبي ﷺ لربه

Daabacaha

أضواء السلف،الرياض

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

رؤية النبي ﷺ لربه إعداد: د. محمد بن خليفة بن علي التميمي الأستاذ المشارك في كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران ١٠٢] . ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء ١] . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب ٧٠-٧١] . أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. وبعد: فهذا بحث لطيف، وسِفر منيف، يحوي في ثناياه الحديث عن مسألة وقع فيها النزاع بين أهل العلم، وتشعبت بسبب ذلك أقوالهم، منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم، ولهذه المسألة تعلقها بمسائل العقيدة

1 / 3

لصلتها بمسألة رؤية الله ﷿ من جهة، ولتعلقها كذلك بخصائص النبي ﷺ من جهة أخرى، تلك هي مسألة رؤية النبي ﷺ لربه ﷿. ومعلوم أن التأصيل لمسائل الدين جميعها في منهج أهل السنة ينطلق من نصوص الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح، ومن هذا المنطلق أحببت بحث المسألة، وتأصيلها وفق هذا المنهج مع جمع شتات أقوال العلماء وبيان الراجح منها. ويمكن حصر الكلام في مسألة رؤية النبي ﷺ لربه في ثلاثة جوانب: ١- رؤية النبي ﷺ لربه ليلة المعراج. ٢- إثبات رؤية النبي ﷺ. لربه في المنام. ٣- مسألة رؤية النبي ﷺ لربه في الدنيا. عيانا. فمسألة رؤية النبي ﷺ لربه ﷿ ليلة المعراج من المسائل التي وقع الكلام فيها مبكرا في عهد الصحابة١. وقبل البدء في إيضاح هذه المسائل لابد من الإشارة إلى أن الأمة أجمعت على أن الله ﷿ لا يراه أحد في الدنيا بعينه٢. وقد صح عنه ﷺ في الحديث المشهور في التحذير من فتنة المسيح الدجال أنه قال: "تعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربه ﷿ حتى يموت" وفي لفظ الترمذي "تعلمون" ٣.

١ إبطال التأولات للقاضي أبي يعلى ١/١١١ زاد المعاد لابن القيم ٣/٣٦. ٢ انظر: الرد على الجهمية للدارمي ص ٣٠٦ (ضمن عقائد السلف)، ومجموع الفتاوى ٦/٥١٠ وشرح العقيدة الطحاوية ١/٢٢٢ ٣ أخرجه مسلم في صحيحه ١٨/٢٦١ كتاب الفتن باب ذكر ابن صياد رقم ٧٢٨٣. والترمذي في سننه ٤/٤٤٠-٤٤١، كتاب الفتن -باب ما جاء في علامة الدجال- حديث رقم ٢٢٣٥. والإمام أحمد في المسند ٥/٤٣٣.

1 / 4

والخلاف إنما وقع في حصول الرؤية للنبي ﷺ خاصة ليلة المعراج، وأكثر علماء أهل السنة يثبتون ذلك، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأكثر علماء أهل السنة يقولون: إن محمدًا ﷺ رأى ربه ليلة المعراج"١. على الرغم من أن الخلاف في هذه المسألة لا يعد من الأمور التي توجب الخروج عن عقيدة السلف، والأمر كما قال عنه الإمام الذهبي: "ولا نعنف من أثبت الرؤية لنبينا في الدنيا، ولا من نفاها، بل نقول الله ورسوله أعلم، بل نعنف ونبدع من أنكر الرؤية في الآخرة، إذ رؤية الله في الآخرة ثبتت بنصوص متوافرة ... "٢. ولعل من أسباب عدم تعنيف المخالف في ذلك ما يلي: ١ - ليس في المسألة نص قاطع يجب الأخذ به. ٢ - وقوع التنازع في المسألة بين الصحابة. ٣ - أن النبوة لا يتوقف ثبوتها عليها قال ابن أبي العز: "وإن كانت رؤية الرب تعالى أعظم وأعلى، فإن النبوة لا يتوقف ثبوتها عليها البتة"٣. وبناءً على ما حوته المسألة من تفريعات فقد قسمت البحث وفق الخطة التالية إلى ثلاثة مباحث: المبحث الأول: رؤية النبي ﷺ لربه ليلة المعراج. وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: أقوال الصحابة في هذه المسألة.

١ مجموع الفتاوى ٣/٣٨٦. ٢ سير أعلام النبلاء ١٠/١١٤. ٣ شرح العقيدة الطحاوية (١/٢٢٢) .

1 / 5

المطلب الثاني: أقوال التابعين وتابعي التابعين. المطلب الثالث: أقوال العلماء في المسألة. المطلب الرابع: وقفات في مسألة رؤية النبي ﷺ لربه ليلة المعراج. المبحث الثاني: رؤية النبي ﷺ لربه في المنام. وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: الأحاديث الواردة في المسألة. المطلب الثاني: القول في رؤية النبي ﷺ لربه في المنام. المطلب الثالث: أقوال أهل العلم في الرؤية المنامية عمومًا. المبحث الثالث: رؤية النبي ﷺ لربه في الدنيا عيانًا. وفيه مطلبان: المطلب الأول: قول أهل السنة في مسألة رؤية النبي ﷺ لربه عيانًا في الدنيا. المطلب الثاني: الأحاديث الموضوعة في المسألة. المبحث الرابع: رؤية البشر لربهم في الحياة الدنيا. الخاتمة. وبعد فهذا جهد المقل فلعلي أسهمت في خدمة هذه المسألة، ويسرت على إخواني الباحثين من طلاب العلم جمع ما تفرق من أقوال أهل العلم فيها، ومستند كل قول والقائل به، فأرجو أن أكون قد وفقت في توضيح جوانب هذه المسائل، وحسن عرضها، وبيان الصواب فيها، والله أسأل أن ينفعني وإخواني المسلمين بما كتبت، وأن يجعله عملًا صالحًا، ولوجهه خالصًا، وأن لا يجعل لأحد فيه شركًا.

1 / 6

المبحث الأول: رؤية النبي ﷺ لربه ليلة المعراج المطلب الأول: أقوال الصحابة في هذه المسألة ... هذه المسألة هي التي وقع الكلام فيها مبكرًا بين الصحابة، ومن أهل العلم من يرى أنه لا خلاف بين أقوالهم في المسألة وأنها متوافقة١، وإنما مرجع الخلاف إلى فهم بعض المتأخرين لأقوالهم وطريقة توجيهها، وبعضهم الآخر يرى أن هناك خلافًا بين الصحابة في المسألة، وأن أقوالهم متباينة فيها، وبنى على هذا الفهم أمورًا وأحكامًا، ومن أجل ذلك أحببت أن أعرض أقوال الصحابة بشكل مستقل، ومن ثم أعرض لأقوال التابعين وتابعيهم، وبعد ذلك أعرض أقوال العلماء وما وجّه به كل فريق قوله في المسألة، فهذا المنهج هو الأسلم لكي يفهم القارئ أقوال السلف مستقلة عن طريقة توجيه كل طائفة لها، ومن ثم سيسهل بعد تصورها مستقلة معرفة توجيه كل صاحب قول لتلك الآثار، ومستنده في فهمه لها، وأي الأقوال أولى بالصواب.

١ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه" انظر اجتماع الجيوش الإسلامية ص ٤٨.

1 / 9

المطلب الأول: أقوال الصحابة في هذه المسألة القول الأول: من أثبت الرؤية مطلقا: ١ - قول ابن عباس ﵄: أ - عن عكرمة عن ابن عباس ﵄ قال: "أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى، والرؤية لمحمد ﷺ"١. ب - عن ابن عباس في قوله ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ ٢.قال: "رأى ربه فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى"٣.

١ أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (١/١٩٢)، وقال الألباني: "إسناده صحيح على شرط البخاري". وعبد الله بن الإمام أحمد في السنة (١/٢٩٩) . والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف ٥/١٦٥) . وابن خزيمة في التوحيد (١/٤٧٩، ح٢٧٢) . والآجري في الشريعة (٣/١٥٤١، ح١٠٣١)، (٢/١٠٤٨، ح٦٢٧) . وأخرجه الدارقطني في الرؤية (ص٨٥، ح٧٧) بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "جبل الله الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد ﷺ".وأورده السيوطي في الخصائص ٢/٣٣٠ من حديث جابر بن عبد الله ﵁ وعزاه لابن عساكر. وانظر كنز العمال ١٤/٤٤٧ رقم ٣٩٢٠٨. وابن منده في الإيمان (٣/٧٤٠)، وفي التوحيد (٣/١٤٦-١٤٧، برقم ٥٨١) . والحاكم في المستدرك (١/٦٥) وصححه ووافقه الذهبي. واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/٥١٥) . وأورده الهندي في كنز العمال (١٤/٤٤٧) وعزاه السيوطي لابن عساكر. وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٤/٤٥) . وأورده ابن حجر في الفتح (٧/٢١٨) وعزاه للطبراني في الأوسط، وقال في (٨/٦٠٨): (أخرجه النسائي بسند صحيح) .اهـ. ٢ الآيتان (١٣-١٤) من سورة النجم. ٣ أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب (٥٤) (٥/٣٩٥، ح٣٢٨٠)، وقال حديث حسن. وابن أبي عاصم في السنة (١/١٩١) وقال الألباني: "إسناده حسن موقوف". وابن جرير في تفسيره (٢٧/٥٢) . وابن خزيمة في التوحيد (١/٤٩٠) . وابن حبان في صحيحه (١/٢٥٣-٢٥٤، برقم٥٧) . والطبراني في الكبير (١٠/٣٦٣) . والآجري في الشريعة (٣/١٥٤١-١٥٤٢، ح١٠٣٢) . واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/٥١٨) . والبيهقي في الأسماء والصفات (٢/٣٦٠، ح٩٣٣) . والذهبي في العرش برقم ٤٨.

1 / 10

ج - عن عكرمة عن ابن عباس ﵄ قال: "رأى محمدٌ ربَّه". قلت: أليس الله يقول ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ [الأنعام ١٠٣]، قال: ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره، وقال: أُرِيَه مرتين"١. د - عن عبد الله بن عمر أنه بَعَثَ إلى عبد الله بن عباس ﵃ يسأله: هل رأى محمدٌ ﷺ ربَّه؟ فبعث إليه: "أن نعم قد رآه"، فرد رسوله إليه وقال: كيف رآه؟ فقال: "رآه على كرسي من ذهب، تحمله أربعة من الملائكة، ملك في صورة رجل، وملك في صورة أسد، وملك في صورة ثور، وملك في صورة نسر، في روضة خضراء، دونه فراش من ذهب"٢.

١ أخرجه الترمذي في سننه -كتاب التفسير، باب ٥٣ رقم ٣٢٧٩-. وابن أبي عاصم في السنة باب ٩٤ رقم ٤٣٥، ٤٣٦، ٤٣٧- وقال الألباني إسناده ضعيف واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ٣/٥١٥، ٥٢١، رقم ٩٠٤، ٩٠٥، ٩٠٦، ٩١٠، ٩١١، ٩١٢، ٩١٣، ٩١٦، ٩١٧، ٩٢٠. وعبد الله بن أحمد في السنة ١/١٧٥، ١٧٦، رقم ٢١٧، ١/٢٩٢، ٢٩٣، رقم ٥٦٣، ٢/٤٦٠، ٤٦١، رقم ١٠٤٤، ١٠٤٥. وابن منده في الإيمان ٣/٥-٧، رقم ٧٥٤-٧٦١. وابن شاهين في الكتاب اللطيف ص٢٦٥، رقم ٨-٩٨، ٩-٩٩، ١٠-١٠٠. والبيهقي في الأسماء والصفات ٢/٣٥٣ رقم ٩٢٦ ٢ أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب العرش ص ٣٩١ رقم ٣٨، وابن خزيمة في التوحيد ٢/٤٨٣ برقم ٢٧٥، وعبد الله بن أحمد في السنة ١/١٧٥ رقم ٢١٧، والآجري في الشريعة ٣/١٥٤٣ رقم ١٠٣٤، والبيهقي في الأسماء والصفات ٢/٣١١ رقم ٩٣٤، وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية ١/٢٣ - ٢٤. وإسناده ضعيف قال البيهقي: هذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار، وقد مضى الكلام في ضعف ما يرويه إذا لم يبين سماعه فيه. وفي هذه الرواية انقطاع بين ابن عباس ﵄ وبين الراوي عنه وليس بشيء من هذه الألفاظ في الروايات الصحيحة عن ابن عباس ﵄.

1 / 11

٢ - قول أنس بن مالك ﵁ عن قتادة أن أنسًا ﵁ قال: "رأى محمدٌ ربَّه"١. ٣ - قول أبي هريرة ﵁ قال داود بن حصين: سأل مروان أبا هريرة ﵁: هل رأى محمدٌ ﷺ ربَّه ﷿؟ فقال: "نعم، قد رآه"٢. القول الثاني: من قيدها بالرؤية القلبية: وقد روي في ذلك حديث مرفوع لكنه ضعيف؛ لإرساله وهو ما رواه محمد بن كعب القرظي قال: سئل النبي ﷺ: هل رأيت ربك؟ قال: "رأيته بفؤادي، ولم أره بعيني" ٣. ١ - قول ابن عباس ﵄: أ - عن عطاء عن ابن عباس ﵄ في قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً

١ أخرجه ابن أبي عاصم في السنة ١/١٨٨ رقم ٤٣٢ وقال الألباني إسناده ضعيف، وابن خزيمة في كتاب التوحيد ٢/٤٨٧، رقم ٢٨٠. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٥٩، ونسبه إلى ابن مردويه. ٢ أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة ١/١٧٦، رقم ٢١٨.قال المحقق إسناده ضعيف واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ٣/٥٧١، رقم ٩٠٨. ٣ أخرجه الطبري ٢٧/٤٦-٤٧، وابن أبي حاتم ١٠/٣٣١٩ رقم ١٨٦٩٩، والبستي في تفسيره ص ٤٦٢ رقم ١١٨٠. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٦٠ ونسبه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.

1 / 12

أُخْرَى﴾ [النجم ١٣] قال: "إن النبي ﷺ رأى ربه بقلبه"١. ب - وعن أبي العالية عن ابن عباس: "أن النبي ﷺ رأى ربه بفؤاده مرتين"٢. ٢ - قول أبي ذر ﵁ أ - عن إبراهيم التيمي أن أبا ذر ﵁ قال: "رآه بقلبه ولم تره عيناه". وفي رواية: "رآه بقلبه"٣. ب - وأخرج النسائي عن أبي ذر قال: "رأى رسول الله ﷺ ربَّه بقلبه ولم يره ببصره"٤. القول الثالث: من نفى الرؤية مطلقا. ١ - قول عائشة ﵂ عن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة ﵂ فقالت: "يا

١ أخرجه مسلم في صحيحه (٣/٨) كتاب الإيمان -باب معنى قول الله ﷿ ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ برقم ٤٣٥، وأحمد في المسند ١/٢٢٣. ٢ أخرجه مسلم في صحيحه (٣/٨) -كتاب الإيمان، باب معنى قوله ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ . وأحمد في المسند ١/٢٢٣. والبستي في تفسيره ص٤٦١، رقم ١١٧٩. ٣ أخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد ٢/٥١٦، ٥١٧، رقم ٣١٠، ٣١١.وقال المحقق: "إسناده صحيح". واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٣/٥١٨، ٥١٩، رقم ٩١٤، ٩١٥. وابن شاهين في الكتاب اللطيف ص ٢٧٣، رقم ٤٠-٩١٥. وللدارقطني في الرؤية ص ١٨٣ رقم ٢٨٩-٢٩٠ وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٦٠، ونسبه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. ٤ أخرجه النسائي في تفسيره ٢/٣٤٥، رقم ٥٥٦، قال المحقق: "صحيح، تفرد به المصنف". وابن خزيمة في كتاب التوحيد ٢/٥١٦، رقم ٣١٠. واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٣/٥٧٤، رقم٩١٤. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٦٠

1 / 13

أبا عائشة: ثلاث من تكلم بواحدة منهن، فقد أعظم على الله الفرية، من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله، قال: وكنت متكئا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين: أنظريني ولا تعجليني: ألم يقل الله ﷿ ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ﴾ ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ فقالت: أنا أول هذه الأمة، سأل رسول الله ﷺ فقال: إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطًا من السماء سادًا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض. فقالت: ألم تسمع أن الله يقول ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَار﴾ [الأنعام ١٠٣] . أو لم تسمع أن الله يقول ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشورى ٥١] ....."١. ٢ - قول ابن مسعود ﵁ عن زر بن عبد الله بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود ﵁ في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم ١٣]، قال: "رأى رسول الله ﷺ جبريل في صورته، له ستمائة جناح"٢.

١ أخرجه بهذا اللفظ: مسلم في صحيحه ٣/٩-١٣كتاب الإيمان باب معنى قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ رقم ٤٢٨س، والترمذي في سننه ٥/٢٦٢-٢٦٣ كتاب التفسير باب ومن سورة الأنعام رقم ٣٠٦٨. وأحمد في المسند ٦/٤٩-٥٠. وأخرجه البخاري في صحيحه ٨/٤٧٢ كتاب التفسير باب من سورة النجم رقم ٤٨٥٥. والترمذي في سننه ٥/٣٩٤-٣٩٥ باب ومن سورة النجم رقم ٣٢٧٨ بلفظ مقارب. ٢ أخرجه البخاري في صحيحه ٦/٣٦٠ كتاب بدء الخلق باب إذا قال أحدكم آمين ... إلخ رقم ٣٢٣٢، وفي ٨/٤٧٦ كتاب التفسير باب ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ رقم ٤٨٥٦،٤٨٥٧، ومسلم في صحيحه ٣/٦ كتاب الإيمان باب في قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ رقم ٤٣١

1 / 14

٣ - قول أبي هريرة ﵁ عن عطاء عن أبي هريرة ﵁ في قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ قال: "رأى جبريل"١. ٤ - قول أبي ذر ﵁ عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله ﷺ لسألته، قال: عما كنت تسأله؟ قال: إذن لسألته هل رأى ربه؟ فقال: قد سألته أنا، قلت: فما قال؟ قال: "نور أنى أراه"، وفي رواية "رأيت نورًا" ٢

١ أخرجه مسلم في صحيحه ٣/٧ كتاب الإيمان باب معنى قول الله ﷿ ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ رقم ٤٣٤ ٢ أخرجه مسلم في صحيحه ٣/١٥ كتاب الإيمان باب في قوله ﷺ: "نور أنى أراه" وفي قوله: "رأيت نورا" والترمذي ٥/٣٩٦ كتاب التفسير باب ومن سورة النجم رقم ٣٢٨٢. وقد أخرج الإمام أحمد في المسند ٥/١٤٧ من طريق عفان عن همام عن قتادة بلفظ "قد رأيته نور أنى أراه" وأخرجه أيضا عبد الله بن أحمد في السنة ١/٢٨٩-٢٩٠رقم ٥٥٦ وأبو بكر النجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق ص ٥٢ رقم ٦٥ من طريق عفان عن يزيد بن إبراهيم عن قتادة بلفظ "قد رأيته" فقط. ونقل أبو عوانة ١/١٤٦-١٤٧ عقبه عن عثمان بن أبي شيبة أنه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "ما زلت منكرا لحديث يزيد بن إبراهيم حتى حدثنا عفان عن همام عن قتادة عن عبد الله بن شقيق قال قلت لأبي ذر ... " ونقل هذا الكلام كذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره ٧/٤٥٣ عن الخلال فقال: "وقد حكى الخلال في علله عن الإمام أحمد قد سئل عن هذا الحديث فقال: ما زلت منكرا له، وما أدري ما وجهه". وقال ابن القيم: "سمعت شيخ الإسلام أحمد بن تيمية يقول في قوله ﷺ: "نور أنى أراه" معناه كان ثَمّ نور، وحال دون رؤيته نور فأنى أراه؟ قال: ويدل عليه أن في بعض ألفاظ الصحيح "هل رأيت ربك؟ فقال: "رأيت نورًا". وقد أعظل أمر هذا الحديث على كثير من الناس، حتى صحفه بعضهم فقال: "نوراني أراه" على أنها ياء النسب، والكلمة كلمة واحدة، وهذا خطأ لفظًا ومعنى، وإنما أوجب لهم هذا الإشكال والخطأ أنهم اعتقدوا أن الرسول رأى ربه، وكان قوله "أنى أراه" كالإنكار للرؤية حاروا في الحديث ورده بعضهم باضطراب لفظه، وكل هذا عدول عن موجب الدليل" مجموع الفتاوى ٦/٥٠٧، اجتماع الجيوش الإسلامية ص ٤٧ - ٤٨

1 / 15

التعليق على الأقوال السابقة: الذي يلاحظ من الآثار السالفة الذكر أنها خلت من النص على رؤية العين فهي: إما أثبتت الرؤية مطلقًا، أو قيدتها بالرؤية القلبية أو نفتها مطلقًا. ولذلك علق شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا بقوله: "ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني

1 / 16

رأسه١"٢. وقال أيضًا: "وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل، كما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: "سألت رسول الله ﷺ هل رأيت ربك: فقال: "نور أنى أراه"" ٣. وكذا جزم ابن كثير بأنه لم يصح أن أحدًا من الصحابة قال بالرؤية البصرية حيث قال: "وما روي في ذلك من إثبات الرؤية بالبصر فلا يصح من ذلك لا مرفوعًا، بل ولا موقوفًا، والله أعلم"٤. وقال أيضًا: "وفي رواية عنه - يعني ابن عباس - أطلق الرؤية، وهي محمولة على المقيدة بالفؤاد، ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب، فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة ﵃"٥. ويجب الإشارة هنا إلى أنه يجب التفريق بين قضيتين، قضية الرؤية والكلام عليها، وقضية الآيات التي استدل بها ابن عباس على إثبات رؤية النبي ﷺ

١ يشار هنا إلى أن القاضي أبا يعلى أورد في إبطال التأويلات ١/١١٣ أن أبا حفص بن شاهين روى في سننه بإسناده عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: "رآى محمد ﷺ -ربه ﷿ بعينيه مرتين" وكذلك البغوي نسب إلى ابن عباس أنه قال: "رأى ربه بعينه" انظر معالم التنزيل ٧/٤٠٥. لكن هذا اللفظ "بعينه" لم يرد في الروايات الثابتة عن ابن عباس وكتاب السنن لأبي حفص ابن شاهين غير موجود بين أيدينا حتى نحكم على الإسناد وقد أشار محقق الكتاب اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة لابن شاهين أنه لا يستبعد أن يكون كتاب السنن هو الكتاب اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن وأن القاضي أبا يعلى ذكره باسم السنن اختصارا انطر الكتاب اللطيف هـ ١ ص ٣٥. والبغوي لم يذكر أيضا سندا لما ذكره عن ابن عباس فلا يمكن الحكم على قوله هذا. كما جاء عند الطبراني في الأوسط (٦/٥٠ رقم ٥٧٦١) عن ابن عباس أنه كان يقول: "إن محمدا رأى ربه مرتين مرة ببصره ومرة بفؤاده" لكن إسناده ضعيف وسيأتي تخريجه كما روى الطبراني في الأوسط (٩/١٥٢-١٥٣، رقم ٩٣٩٦) عن عكرمة عن ابن عباس قال: "نظر محمد ﷺ إلى ربه ﵎" قال عكرمة فقلت لابن عباس: نظر محمد إلىربه؟ قال: "نعم، جعل الكلام لموسى والخلة لإبراهيم والنظر لمحمد ﷺ" قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ميمون القناد إلا موسى بن سعيد تفرد به حفص ابن عمر العدني". وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/٧٩): "وفيه حفص بن عمر العدني روى ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي عبد الله الطهراني وقد ضعفه النسائي وغيره". وقال الحافظ في التقريب ص (٢٥٩): "ضعيف". وفيه أيضًا يزيد بن عمرو بن البراء الغنوي ذكره ابن حبان في الثقات (٩/٢٧٧) ولم يوثقه غيره. وموسى بن سعيد البصري ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٨/١٤٥) وسكت عنه ولفظة (نظر) لم تثبت في الطرق الأخرى التي جاءت عن عكرمة عن ابن عباس كما سبق تخريجه. ٢ اجتماع الجيوش الإسلامية ص (٤٨) ٣ مجموع الفتاوى ٦/٥٠٩-٥١٠.وانظر درء تعارض العقل والنقل ٨/٤١-٤٢. ٤ الفصول في سيرة الرسول ص (٢٦٨) . ٥ تفسير ابن كثير ٧ / ٤٤٨.

1 / 17

لربه، بينما استدلت بها عائشة وغيرها على أنها تتعلق برؤية جبريل. قال ابن القيم: "وأما قول ابن عباس أنه رآه بفؤاده مرتين فإن كان استناده إلى قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ ثم قال ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ والظاهر أنه مستنده فقد صح عنه ﷺ أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين في صورته التي خلق عليها١"٢. وعلى العموم فإن الكلام على تفسير الآيات ليس هذا مجاله٣ وسيأتي الحديث عنه.

١ تقدم تخريجه. ٢ زاد المعاد ٣/٣٨. ٣ انظر أقوال أهل العلم في تفسيرها في تفسير الطبري ٢٧ /٥٠ - ٥٢.

1 / 18

المطلب الثاني: أقوال التابعين وتابعي التابعين لو نظرنا في أقوال التابعين وتابعي التابعين لوجدناها لم تخرج عن أقوال الصحابة السابق ذكرها إلا أنه لم يرد عن أحد منهم نفي الرؤية مطلقًا اللهم إلا من توقف في المسألة وإليك أقوالهم: القول الأول: من أثبت الرؤية مطلقا ١ - قول كعب الأحبار: عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: قال لي كعب: "إن الله ﷿ قسَّم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد ﷺ فكلَّمه موسى مرتين ورآه محمد مرتين"١. ٢ - قول عكرمة (١٠٦ هـ) أ - عن عيسى بن عبيد وسالم مولى معاوية قالا: "سمعنا عكرمة، وسئل: هل رأى محمد ربه؟. قال: "نعم، قد رأى ربَّه"٢. ب - عن عباد بن منصور قال: سألت عكرمة عن قوله ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم ١١]، قال: "أتريد أن أقول لك: قد رآه. نعم قد رآه، ثم قد رآه، ثم

١ أخرجه الترمذي في سننه ٥/٣٩٤ كتاب التفسير باب ومن سورة النجم رقم٣٢٧٨ وابن خزيمة في التوحيد ٢/٤٩٦ قال المحقق إسناده حسن. والدارقطني في الرؤية ص ١٦٤-١٦٥ رقم ٢٥١. والرافعي في التدوين في أخبار قزوين ٢/٢٠٧ ٢ أخرجه ابن جرير في تفسيره٢٧/٤٨. وابن أبي حاتم في تفسيره ١٠/٣٣١٨ رقم ١٨٦٩٧. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٥٩. وانظر: الشفا ١/٢٥٨ وتفسير البغوي ٧/٤٠٣.

1 / 19

قد رآه، حتى ينقطع النفس"١. ٣ - قول الحسن البصري (١١٠هـ) وعن المبارك بن فضالة قال: "كان الحسن يحلف ثلاثة لقد رأى محمد ربه"٢. ٤ - قول الزهري (١٢٥ هـ) الإمام الزهري ممن نسب إليه القول بأن النبي ﷺ رأى ربه ليلة المعراج كما ذكر ذلك ابن حجر٣. ٥ - قول معمر (١٥٤ هـ) روى ابن خزيمة في التوحيد أن عبد الرزاق قال بعد أن روى حديث مسروق مع عائشة: "فذكرت هذا الحديث لمعمر، فقال: ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس"٤. ٦ - قول إبراهيم بن طهمان (١٦٨ هـ) قال حفص بن عبد الله سمعت إبراهيم بن طهمان يقول: "والله الذي لا

١ أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢٧/٤٨. وعبد الله بن أحمد في السنة ١/١٧٨ رقم ٢٢١. واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد ٣/٥٧١ رقم ٩٠٧. ٢ أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ٢/٤٨٨ رقم ٢٨١. وانظر تفسير الحسن البصري ٥/٨٥ رقم ١٥٧٢. وتفسير عبد الرزاق ٢/٢٠٤. والشفا للقاضي عياض ١/٢٥٨. وقد ذكر البغوي في تفسيره ٧/٤٠٣ عن الحسن أنه قال: "رآه بعينه" ولم يعزه. وذكر هذا الأثر جامع تفسير الحسن وعزاه للبغوي فقط انظر تفسير الحسن البصري ٥/٨٥ رقم ١٥٧١. ٣ انظر فتح الباري ٨/٤٧٤ ٤ التوحيد لابن خزيمة ٢/٥٦٢

1 / 20

إله إلا هو لقد رأى محمد ربه"١. القول الثاني: من قيدها بالرؤية القلبية ١ - قول كعب الأحبار عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: "اجتمع ابن عباس وكعب، فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم نزعم أو نقول إن محمدًا رأى ربه مرتين. قال: فكبر كعب حتى جاوبته الجبال ثم قال (أي كعب): إن الله قسَّم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى صلى الله عليهم وسلم فرآه محمد بقلبه وكلمه موسى"٢. ٢ - قول مجاهد بن جبر (١٠٤ هـ) عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾ [النجم ١٦] قال: "كان أغصان السدرة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد، فرآه محمد ﷺ بقلبه ورأى ربه"٣. ٣ - قول أبي العالية رفيع بن مهران (٩٣ هـ) عن أبي العالية في قوله: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾، قال: "محمدٌ رآه بفؤاده ولم يره بعينه"٤.

١ أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء ٧/٣٨١. ٢ أخرجه الترمذي في سننه ٥/٣٦١ كتاب التفسير - باب من سورة النجم - رقم٣٢٧٨ وابن خزيمة في التوحيد ٢/٥٦٠ برقم ٣٢٢،والدارقطني في الرؤية ص ١٦٥ رقم ٢٥٢. ٣ أخرجه الطبري في تفسيره ٢٧/٥٦ والبيهقي في الأسماء والصفات ٢/٣٥٣ رقم ٩٢٧ وقال المحقق إسناده ضعيف. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٦١ ونسبه إلى البيهقي وآدم بن أبي إياس. ٤ أورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٦٠، ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير.

1 / 21

٤ - قول أبي صالح مولى أم هانئ (بعد المائة) عن أبي صالح في قوله ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾، قال: "رآه مرتين بفؤاده"١. ٥ - قول الربيع بن أنس (١٤٠ هـ) عن أبي جعفر عن الربيع بن أنس في قوله ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ﴾: "فلم يكذبه" ﴿مَا رَأَى﴾ قال: "رأى ربَّه" وفي رواية قال: "رأى محمدٌ ربَّه بفؤاده"٢. القول الثالث: من رجح التوقف في المسألة ٦ - قول سعيد بن جبير (٩٥ هـ) عن سعيد بن جبير قال: "لا أقول رآه ولا لم يره"٣.

١ أخرجه الطبري في تفسيره ٢٧/٤٨. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٦٠، ونسبه إلى عبد بن حميد وابن جرير. وانظر: البحر المحيط ٨/١٥٦. ٢ أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢٧/٤٨. ٣ أخرجه أبو يعلى في الروايتين والوجهين (مسائل من أصول الديانات ص٦٦) . والقاضي عياض في الشفا ١/٢٥٩. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦/١٦٠، ونسبه إلى عبد بن حميد.

1 / 22

المطلب الثالث: أقوال العلماء في المسألة بعد استعراض أقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم نعرض لأقوال من بعدهم في المسألة وهي خمسة أقوال: القول الأول: من أثبت الرؤية مطلقا. وهو رواية عن الإمام أحمد، وقول ابن خزيمة، والآجري، والألوسي. ١ - قول الإمام أحمد (٢٤١هـ) حكى أبو يعلى في كتابه الروايتين والوجهين اختلاف الروايات عن الإمام أحمد في مسألة رؤية النبي ﷺ لربه على ثلاث روايات أحدها أنه رآه مطلقا١. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك الإمام أحمد تارة يطلق الرؤية، وتارة يقول: "رآه بفؤاده""٢. وقال ابن كثير: "وممن أطلق الرؤية أبو هريرة وأحمد بن حنبل ﵄"٣. ٢ - قول ابن خزيمة (٣١١هـ) الإمام ابن خزيمة نصر في كتابه التوحيد القول بأن النبي ﷺ رأى ربه ليلة

١ الروايتين والوجهين مسائل في أصول الديانات ص ٦٣-٦٤ ٢ مجموع الفتاوى ٦/٥٠٩ ٣ البداية والنهاية ٣/١١٢

1 / 23

المعراج، وأطال في سرد الحجج على ذلك١. ولكن ابن كثير ﵀ نسب إليه بأنه يقول بالرؤية البصرية كما سيأتي ذكر قوله. ٣ - قول الإمام الآجري (٣٦٠ هـ) بوب الإمام الآجري في كتابه الشريعة بابًا بعنوان "باب ذكر ما خصَّ الله ﷿ النبي ﷺ من الرؤية لربه ﷿". ثم ساق مجموعة من الأحاديث والأثار التي تدل على أنه ينصر القول بأنه ﷺ رأى ربه ﷿ ليلة المعراج٢. ٤ - قول الألوسي قال الألوسي في تفسيره: "وأنا أقول برؤيته ﷺ ربَّه سبحانه وبدنوه على الوجه اللائق". ونسبه إلى معظم الصوفية فقال: "ومعظم الصوفية على هذا، فيقولون بدنو الله ﷿ من النبي ﷺ، ودنوه - سبحانه - على الوجه اللائق، وكذا يقولون بالرؤية كذلك"٣. القول الثاني: من قيد الرؤية بالعين نسب القول بتقييد الرؤية بالعين إلى بعض العلماء، ومن بينهم بعض الصحابة والتابعين، وفي نسبة ذلك إلى بعضهم نظر، وممن نسب لهم القول

١ انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ٢/٤٧٧-٥٦٢ ٢ الشريعة اللآجري ٣/١٥٤١-١٥٥١. ٣ روح المعاني للألوسي ٢٧/٥٤.

1 / 24