مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Noocyada
الثاني: ذهب الجمهور - من الشافعية والمالكية والحنابلة، والحنفية - بشرط انتظار الوحي واليأسِ من نزوله عندهم – وبعضِ الأشاعرة، والقاضي عبد الجبار، وأبي الحسين البصري من المعتزلة، واختاره ابن الحاجب، والغزالي، والبيضاوي، وابن السبكي - إلى جواز ذلك لنبينا ﷺ وغيره من الأنبياء، ووقع منه ﷺ، وإذا اجتهد فهل يصيب دائما ولا يخطئ، أو يصيب ويخطئ كغيره من المجتهدين؟ فكل من قال بعصمته مطلقًا فإنه يصيب عنده دائما، وهو مذهب أبي جعفر السجستاني أيضا حكاه بقوله:" الله تعالى يصرفه عن الخطأ، ويهديه إلى الصواب " (١) .
الثالث: المنع مطلقا، وحُكي هذا المذهب عن أبي علي الجبائي، وابنه أبي هاشم (٢) . وإذا جاز للنبي ﷺ وغيره من الأنبياء الاجتهاد في الأحكام الشرعية، فهل وقع ذلك منهم؟ لأنه ليس كل ما جاز يقع، هذه المسألة قد ذهب أكثر المتكلمين، وبعض الشافعية إلى عدم الوقوع، وهو مذهب باطل بالأدلة الدامغة التي ستأتي.
الرابع: التوقف، وقد ذهب إليه قوم، واختاره الباقلاني، وزعم الصيرفي أنه مذهب الشافعي، لأنه حكى الأقوال، ولم يختر شيئا منها (٣) .
قلت: قد نقل الرازي عن الشافعي قوله: "لا يجوز أن يكون في أحكام الرسول ﷺ ما صدر عن الاجتهاد، وهو قول أبي يوسف (٤) .
_________
(١) الغنية في الأصول - ١٤٥.
(٢) شرح الكوكب المنير -٤/٤٧٦.
(٣) إرشاد الفحول - ٢٥٦.
(٤) المحصول- ٦ /٧.
1 / 22
مقدمة
تمهيد
المبحث الأول: في عصمة الأنبياء
المبحث الثاني: في اجتهاد الأنبياء ﵈
المبحث الثالث: بسط أدلة القول بأن السنة وحي كالقرآن