إلى السيدة خديجة- ﵂ فقال: «زملوني، زملوني» فزملوه فأنزل الله عليه:
يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) «١» .
فكانت أول ايات نزلت بعد فترة الوحي امرة بالإنذار، وداعية إلى توحيد الله، وتعظيمه، وعبادته واحده وترك عبادة غيره.
يدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله ﷺ يحدّث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: «فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء- أي جهتها- فرفعت بصري قبل السماء، فإذا الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فجثثت «٢» منه حتى هويت على الأرض، فجئت أهلي فقلت: «زملوني، زملوني، فزملوه، فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ.. إلى قوله: فَاهْجُرْ ثم حمي الوحي وتتابع» .
نزول سورة «الضحى»
ويرى ابن إسحاق أنه نزل بعد فترة الوحي سورة «والضحى»، قال في سيرته: ثم فتر الوحي عن رسول الله ﷺ فترة من ذلك حتى شقّ ذلك عليه، فأحزنه، فجاءه جبريل بسورة الضحى، يقسم له ربه، وهو الذي أكرمه بما أكرمه به: ما ودّعه ربه، وما قلاه، فقال تعالى:
(١) المدثر: لابس الدثار وهو ما فوق الشعار، والشعار: هو الثوب الذي يلي الجسد، ومنه قوله ﷺ: «الأنصار شعار، والناس دثار» . والمزمل: المتلفف في ثيابه ومعناهما متقارب. الإنذار: التخويف والزجر أي حقّق صفة الإنذار. وربك فكبر: عظم وخصّه بذلك. وثيابك فطهر: صنها عن الأقذار في الصلاة وغيرها، وقيل: المراد طهّر نفسك مما يستقذر من الأفعال والأخلاق. والرجز فاهجر: الرجز: الأوثان، اهجر: اترك، والمراد به أمته فقد كان ﷺ منزها عن ذلك.
(٢) أي رعبت منه.