127

The Prophetic Biography in Light of the Qur'an and Sunnah

السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة

Daabacaha

دار القلم

Lambarka Daabacaadda

الثامنة

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٧ هـ

Goobta Daabacaadda

دمشق

Noocyada

المسجد الأقصى
وبعد أن بنى الخليل ﵊ الكعبة والبيت الحرام أمره الله أن يا بني بيت المقدس فبناه، وقيل إن يعقوب- ﵇ هو الذي أسسه، وقد كان بين البناءين أربعون عاما، فعن أبي ذر- ﵁ قال:
«قلت يا رسول الله، أيّ مسجد وضع في الأرض أولا؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أيّ؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصلّ فهو مسجد» «١» .
ولكن قد يشكل على هذا ما اشتهر من أن باني المسجد الأقصى هو سليمان بن داود- ﵉ وقد روى النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: «إن سليمان بن داود لما بنى البيت المقدس سأل الله ﷿ خلالا ثلاثا: سأل الله ﷿ حكما يصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فأوتيه، وسأل الله ﷿ حين فرغ من بناء المسجد ألايأتيه أحد، لا ينهزه- أي لا يدفعه- إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه فأوتيه» وبين إبراهيم وسليمان ما يزيد عن ألف عام.
والحق أن ما حدث من سيدنا سليمان لم يكن تأسيسا من الأصل، وإنما كان تجديدا وتوسعة لما أسس قبل، ويكون الخليل بعد أن بنى الكعبة بأربعين سنة بنى بيت المقدس، أو بناه حفيده يعقوب كما قيل.
وإذا كان كذلك فلا يكون الحديث مخالفا للتاريخ، ولا للواقع، لأنه ﷺ عنى المؤسس الأول لبيت المقدس لا المجدّد «٢»، واستعمال البناء في التجديد مستساغ ووارد في اللغة العربية.

(١) رواه البخاري ومسلم.
(٢) زاد المعاد، ج ١ ص ٨؛ وفتح الباري.

1 / 134