100

The Prophetic Biography and the Call in the Civil Era

السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني

Daabacaha

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى ١٤٢٤هـ

Sanadka Daabacaadda

٢٠٠٤م

Noocyada

ووجد رسول الله ﷺ مع المسلمين اليهود بقبائلهم، وقد تفرقوا، وسكنوا ظاهرًا، وأسلموا أمورهم مؤقتًا لرسول الله بسبب شعروهم بالضعف والخوف. ومعهم كان المشركون الذين سلكوا مسلك اليهود، فاستسلموا ظاهرًا مع امتلاء قلوبهم بالحقد والحسد. وتذبذب المنافقون بين هؤلاء وهؤلاء، وقد أخفوا الكراهية للإسلام، والمسلمين أمام هذا الوضع الجديد كان من الضروري تنظيم العلاقات بين سكان المدينة لتتكون منهم لأول مرة في تاريخ المدينة دولة تملك الأرض والشعب والقيادة الواحدة والتعاليم الواحدة التي تحكم الأفراد جميعًا. إن سكان المدينة هم الشعب، ومعهم كان رسول الله ﷺ هو قائد الناس، يتلقى وحي الله، ويعلمه للناس، ويشكل به الحياة علمًا وفهمًا وسلوكًا، ويظهر الإسلام للعالم عقيدة وشريعة وخلقًا. وابتدأ النبي ﷺ بتنظيم الحياة الاجتماعية بين الناس على أساس تحديد الحقوق والواجبات للجميع، وقد اشتمل هذا التنظيم على ما يلي:
١- تنظيم الإخاء بين المسلمين: آخى الرسول ﷺ بين المهاجرين والأنصار، إذ قال لهم: "تآخوا في الله أخوين أخوين"، ليتحقق الترابط، والتكافل فيما بينهم. ولم تكن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصاري فقط، وإنما كانت تتم أحيانًا بين مهاجر ومهاجر، فلقد آخى النبي ﷺ بينه وبين علي بن أبي طالب، وآخى بين عبد الله بن الزبير وعبد الله بن مسعود، وآخى بين عمه حمزة وبين زيد بن حارثة وكل هؤلاء مهاجرون١. وابتدأت المؤاخاة في مسجد رسول الله ﷺ عند أول مجيئه ﷺ وكانت تتجدد كلما ظهر مسلم جديد، أو جاء المدينة مؤمن مهاجر.

١ السيرة النبوية لابن هشام ج١ ص٥٠٥.

1 / 110