The Prophetic Biography and Islamic History
السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
Daabacaha
دار السلام
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٨ هـ
Goobta Daabacaadda
القاهرة
Noocyada
الغلبة في النهاية. فحسم القرآن الكريم الأمر في سورة من سوره المكيّة التي سميت باسم سورة الروم فقال تعالى: الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الروم: ١- ٥] .
جاءت هذه الآيات الكريمة «تبشر بغلبة أهل الكتاب من الروم في بضع سنين غلبة يفرح لها المؤمنون الذين يودون انتصار ملة الإيمان من كل دين» «١» .
وقد تحقق ما تنبأ به القرآن الكريم، وكان حتما أن يتحقق ما أنبأ به العليم الخبير فمع بداية العقد الثالث من القرن السابع الميلادي، بدأ تيار الحرب يتجه ليسير لصالح الروم، وأحرزوا انتصارات كبيرة على الفرس، وطردوهم من مصر والشام، في أقل من ست سنوات (٦٢٢- ٦٢٧ م) ولا حقوهم في بلادهم ذاتها «وفتحت معركة نينوي (سنة ٦٢٧ م) في العراق، التي اندحر فيها الفرس الطريق أمام البيزنطيين- الروم- للزحف على بلاد فارس «٢»» .
وهنا نلاحظ وجود توافق أو اتفاق بين أحداث تاريخية كبيرة فهل كان هذا التوافق مجرد مصادفات؛ أو أنه يسير وفق قوانين كونية وتدبير خفي لا يعمله إلا علام الغيوب وحده ﷾؟!!.
فقد بعث النبي محمد ﷺ (سنة ٦١٠ م) . وهي نفس السنة التي اعتلى فيها هرقل عرش الإمبراطورية البيزنطية، وأخذ يهيئ الدولة لحرب الفرس وبدأ هجومه عليهم (عام ٦٢٢ م) وهو نفس العام الذي هاجر فيه النبي ﷺ من مكة إلى المدينة، وتمكن هرقل من هزيمة الفرس- كما أسلفنا- ووقّع معهم (سنة ٦٢٨ م) معاهدة صلح استعاد بمقتضاها كل المناطق التي استولوا عليها، ثم استرد الصليب المقدس «٣» وعاد هرقل من جولته مع الفرس منتصرا، قاصدا بيت المقدس ليرد الصليب المقدس إلى مكانه، ويحج إلى القدس شكرا لله على انتصاره على الفرس.
وهنا جاءته رسالة من النبي محمد ﷺ، يدعوه فيها إلى الإسلام، وكان ذلك بعد
(١) سيد قطب- في ظلال القرآن (٢١/ ٢٢) . (٢) د. عبد القادر أحمد اليوسف- الإمبراطورية البيزنطية (ص ٩٥)، وانظر كذلك سانت موسى- ميلاد العصور الوسطى (ص ٢٣٣) . (٣) الإمبراطورية البيزنطية د. عبد القادر أحمد اليوسف (ص ٩٥) .
1 / 110