120

The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

المجموع الثمين في حكم دعاء غير رب العالمين

Noocyada

ومعلوم أنه صلوات الله وسلامه عليه لم يأمر بذلك هو ولا أحد من أصحابه، وهو ممنوع في شريعة كل نبي من الأنبياء، والله جل وعلا يقول: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ، وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، بل الذي كان يأمر به ﷺ هو ما يأمره الله بالأمر به في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾. واعلم أنّ كل عاقل إذا رأى رجلًا متدينًا في زعمه مدعيًا حب النبي ﷺ وتعظيمه، وهو يعظم النبي ﷺ ويمدحه بأنه هو الذي خلق السماوات والأرض، وأنزل الماء من السماء وأنبت به الحدائق ذات البهجة، وأنه ﷺ هو الذي جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا، وجعل لها رواسي، وجعل بين البحرين حاجزا إلى آخر ما تضمنته الآيات المتقدمة، فإن ذلك العاقل لا يشك في أن ذلك المادح المعظم في زعمه من أعداء الله ورسوله المتعدين لحدود الله. وقد علمت من الآيات المحكمات أنه لا فرق بين ذلك وبين إجابة المضطرين وكشف السوء عن المكروبين. فعلينا معاشر المسلمين أن ننتبه من نومة الجهل، وأن نعظم ربنا بامتثال أمره واجتناب نهيه، وإخلاص العبادة له، وتعظيم نبينا ﷺ باتباعه والاقتداء به في تعظيم الله والإخلاص له، والاقتداء به في كل ما جاء به، وألا نخالفه ﷺ ولا نعصيه، وألا نفعل شيئًا يشعر بعدم التعظيم والاحترام، كرفع الأصوات قرب قبره ﷺ، وقصدنا النصيحة والشفقة لإخواننا المسلمين ليعملوا بكتاب الله، ويعظموا نبيه ﷺ تعظيم الموافق لما جاء به ﷺ ويتركوا ما يسميه الجهلة محبة وتعظيما وهو في الحقيقة احتقار وازدراء وانتهاك لحرمات الله ورسوله ﷺ: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا، وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾. واعلم أيضا رحمك الله: أنه لا فرق بين ما ذكرنا من إجابة المضطر وكشف السوء عن المكروب، وبين تحصيل المطالب التي لا يقدر عليها إلا الله، كالحصول على الأولاد والأموال وسائر أنواع الخير. فإن التجاء العبد إلى ربه في ذلك أيضا من خصائص ربوبيته جل وعلا كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، وقال تعالى: ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ﴾، وقال تعالى: ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ إلى غير ذلك من الآيات. وفي الحديث: «إذا سألت فاسأل الله».

1 / 120