The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

Muhammad ibn Abd Allah al-Maqshī d. Unknown
115

The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

المجموع الثمين في حكم دعاء غير رب العالمين

Noocyada

أجيب عنه بأن الشخص المذكور جاهل بحالهم، قال سيدنا عمر بن الخطاب ﵁: «إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية»، لأن من لا يعرف الشرك وما عابه القرآن وذمّه وقع فيه وأقره وهو لا يعرف أن عليه عمل الجاهلية، كما وقع للشخص المذكور وأمثاله، وحينئذ تنقض عرى الإسلام، ويعود المنكر معروفًا والمعروف منكرا، والبدعة سنة والسنة بدعة، ويكفَّر بمحض التوحيد، ويبدَّع بتجريد متابعة الرسول ﷺ ومفارقة الأهواء والبدع. ومن له بصيرة وقلب حي يرى ذلك عيانًا، فإن المشركين قبل مجيء صاحب الرسالة ﷺ كانوا يصومون ويتصدقون ويحجون ويعتمرون ويطوفون بالكعبة ويدعون ويتضرعون وينذرون وكانوا يعملون بعض هذه العبادات لله وبعضها لأوليائهم، وهم يعلنون أن صرف بعض هذه العبادات لأوليائهم مما أمرهم الله به، ويزيدهم من الله قربى، وينالون بها شفاعتهم عند الله كما أخبر الله في الكتاب عن حالهم، فأرسل الله محمدًا ﷺ ينهاهم عنها، ويأمرهم بعبادة الله وحده، وترك الالتجاء إلى الأولياء والصالحين ودعائهم، وترك ما كان عليه أسلافهم من الوثنية" (^١). وقال أيضًا: "فالآيات التي تُليت عليك وغيرها تنص على أنه لا تجوز عقلًا ولا شرعًا العبادة ومنها - الدعاء - إلا الله الواحد الأحد، المولي لأعظم النعم، من الحياة والوجود وتوابعهما، وأنه إن أراد لك الخير فلا رادّ له، وإن يمسك بضر فلا كاشف له سواه. فلا يسوغ لمن عنده مسكة من العقل أن يخضع لغيره، ولا أن يدعو سواه ﷿، كيف وهو إن فعل دلّ على أنه لا عقل له، وذلك بخضوعه لمن لا يستطيع جلب خير له، ولا دفعه عنه، ولا كشف ضرٍ نزل به، ولا إنزاله به، وهذا شيء ظاهر حتى للعقول الضعيفة التي لا تدرك إلا واضح الأشياء. أفلا يتدبر الشخص الداعي لغير الله، ومن لفّ لفه، فاتحة الكتاب حين يتلو آية ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، فإنّ معناها: نخصك يا ربنا وحدك بالعبادة والاستعانة، فلا نعبد غيرك، ولا نستعين بسواك، فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة. والاستعانة: هي الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة به في حصول ذلك. فاجتثت بذلك جذور الشرك والوثنية التي كانت فاشية في الأمم، وهي اتخاذ أولياء من دون الله يُعتقد لهم السلطة الغيبية، ويُدعون لذلك من دون الله، ويستغاث بهم على قضاء الحوائج في الدنيا، ويُتقرب بهم إلى الله زلفى، وجميع ما في القرآن من آيات التوحيد ومقارعة المشركين هو لتفصيل هذا الإجمال.

(^١) المصدر السابق (ص: ١٥ - ١٨).

1 / 115