المفهوم الثاني يدل عليه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ ١، فبين الله تعالى بقوله: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ أنه أراد بالأهل أحد المفهومين وهو الثاني الذي هو الأتباع.
الأمر الثاني: أن الأهل عام. وقد استثنى منه غير معين وهو قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل﴾ وهذا الاستثناء مجمل٢ عند البعض، أو تخصيص إجمالي عند البعض الآخر. فلقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ بيان مجمل عند البعض، أو تفصيل لتخصيص إجمالي عند البعض الآخر وكل منهما يجوز تأخيره بالاتفاق بين الأطراف المختلفة.
إذًا لا دلالة في هذه الآية على جواز تأخير المخصص.
وقول نوح ﵇: ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ إما لظنه أن الله تعالى أراد بالأهل النسب أو إنه ظن أن ابنه آمن عند مشاهدة الآية، أو ظن إيمانه مطلقًا لأنه كما قيل كان من المنافقين مستور الحال. ويناسب هذا المعنى قوله تعالى: ﴿فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ ٣.
٤ - قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ ٤ فهذه الآية الكريمة بعمومها تقتضي إيجاب الخمس من السلب كما أن ذي القربى يعم بني هاشم وبني المطلب وبني أمية وبني نوفل. ثم جعل رسول الله ﷺ له السلب للقاتل وبين أن السلب لا يجب فيه الخمس بل هو للقاتل وقال: "من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه" ٥ كما بين أن ذي القربى ليس على عمومه وإنما المراد منه بنو هاشم وبنو المطلب، حيث منع بني أمية وبني نوفل من الخمس٦.
وكلا التخصيصين كان متأخرًا عن نزول الآية، فدل ذلك على جواز التخصيص بالمتراخي٧.