The Noble Book of God and Its Great Significance
كتاب الله ﷿ ومكانته العظيمة
Noocyada
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا، وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا، والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث بالهدى والرحمة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وآله وصحبه، ومن سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن الله سبحانه قد من على خلقه وخاصة المؤمن منهم بأن بعث فيهم رسوله الكريم ﷺ، وأنزل معه أفضل كتبه وخاتمها، والمهيمن عليها، يقول الله ﷿: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (١)
وفي [صحيح مسلم] من حديث عياض بن حمار
_________
(١) سورة آل عمران الآية ١٦٤
1 / 5
المجاشعي ﵁: أن رسول الله ﷺ قال ذات يوم في خطبته: «ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان (١)» . . . الحديث.
هذا الكتاب هو المهيمن على الكتب السابقة كلها، يقول الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ (٢)
والمعنى: أنه عال ومرتفع على ما تقدمه من الكتب، وهو أمين عليها وحاكم وشاهد وقيم عليها.
_________
(١) [صحيح مسلم] للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، برقم (٢٨٦٥) ط / المكتبة الإسلامية – استنبول، تركيا.
(٢) سورة المائدة الآية ٤٨
1 / 6
يقول ابن جرير ﵀: (القرآن أمين على الكتب المتقدمة قبله، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل) . اهـ.
وكتاب الله له المكانة العظيمة في قلب كل مسلم، وهو أيضا عظيم في نفسه، كريم مجيد عزيز.
ونحن في هذه الرسالة نحب أن نعرض لهذا الموضوع بإشارات وتنبيهات؛ لعل الله أن ينفعنا بها وينفع بها إخواننا وأخواتنا من القراء، أو من بلغه هذا الكلام، إنه سميع مجيب. فأقول مستعينا بالله: القرآن: مصدر قرأ قرآن، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ (١) ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ (٢) ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ (٣) والكلام المقروء نفسه يسمى قرآنا، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (٤) والقرآن كلام الله حقيقة، لفظه ومعناه من الله، أنزله على عبده محمد بن عبد الله ﷺ وحيا، فهو منزل غير مخلوق، يقول الله: _________ (١) سورة القيامة الآية ١٧ (٢) سورة القيامة الآية ١٨ (٣) سورة القيامة الآية ١٩ (٤) سورة النحل الآية ٩٨
ونحن في هذه الرسالة نحب أن نعرض لهذا الموضوع بإشارات وتنبيهات؛ لعل الله أن ينفعنا بها وينفع بها إخواننا وأخواتنا من القراء، أو من بلغه هذا الكلام، إنه سميع مجيب. فأقول مستعينا بالله: القرآن: مصدر قرأ قرآن، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ (١) ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ (٢) ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ (٣) والكلام المقروء نفسه يسمى قرآنا، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (٤) والقرآن كلام الله حقيقة، لفظه ومعناه من الله، أنزله على عبده محمد بن عبد الله ﷺ وحيا، فهو منزل غير مخلوق، يقول الله: _________ (١) سورة القيامة الآية ١٧ (٢) سورة القيامة الآية ١٨ (٣) سورة القيامة الآية ١٩ (٤) سورة النحل الآية ٩٨
1 / 7
﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ (١) ويقول سبحانه: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ﴾ (٢) ويقول: ﴿حم﴾ (٣) ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ (٤) ويقول: ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ (٥) ويقول: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ (٦) والآيات في هذا المعنى كثيرة، وعلى هذا أجمع سلف الأمة، ﵏ جميعا.
وقد سمى الله هذا الكتاب بأسماء كثيرة في كتابه، ووصفه كذلك بصفات كثيرة، وإنما يدل هذا على شرف هذا الكتاب وعظمته، فهو القرآن، والفرقان، والكتاب، والهدى، والنور، والشفاء، والبيان، والموعظة، والرحمة، والبصائر، والبلاغ، وهو العربي، والمبين، والكريم، والعظيم، والمجيد، والمبارك، والتنزيل، والصراط المستقيم، والذكر الحكيم، وهو حبل الله، وهو الذكرى، والتذكرة، والبشرى،
_________
(١) سورة الزمر الآية ١
(٢) سورة النحل الآية ١٠٢
(٣) سورة غافر الآية ١
(٤) سورة غافر الآية ٢
(٥) سورة فصلت الآية ٢
(٦) سورة الإسراء الآية ١٠٦
1 / 8
وهو المصدق لما بين يديه من الكتاب، وهو المهيمن عليها، وهو المثاني، وفيه تفصيل كل شيء وتبيان كل شيء، وهو الذي لا ريب فيه ولا عوج فيه، يقول الله: ﴿قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (١) ويقول سبحانه: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ (٢) ويقول سبحانه: ﴿الم﴾ (٣) ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ (٤) ويقول سبحانه: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٥) ويقول سبحانه: ﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ﴾ (٦) ويقول ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ (٧) ويقول سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٨)
_________
(١) سورة الزمر الآية ٢٨
(٢) سورة الفرقان الآية ١
(٣) سورة البقرة الآية ١
(٤) سورة البقرة الآية ٢
(٥) سورة البقرة الآية ٩٧
(٦) سورة آل عمران الآية ٥٨
(٧) سورة النساء الآية ١٧٤
(٨) سورة يونس الآية ٥٧
1 / 9
ويقول -سبحانه-: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ (١) ويقول جل وعلا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا﴾ (٢) ﴿قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾ (٣) ويقول عز من قائل سبحانه: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ (٤) ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ (٥) ويقول ﷿: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ (٦) ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ (٧) ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (٨) ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (٩)
وغير ذلك من الآيات كثير، فيها أسماء هذا الكتاب العظيم وصفاته، مما ينبيك عن عظيم قدره، وجليل شرفه، كيف والمتكلم به هو رب الأرباب - سبحانه - عالم الغيب والشهادة، القائل:
_________
(١) سورة الإسراء الآية ٩
(٢) سورة الكهف الآية ١
(٣) سورة الكهف الآية ٢
(٤) سورة البروج الآية ٢١
(٥) سورة البروج الآية ٢٢
(٦) سورة الواقعة الآية ٧٧
(٧) سورة الواقعة الآية ٧٨
(٨) سورة الواقعة الآية ٧٩
(٩) سورة الواقعة الآية ٨٠
1 / 10
﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (١)
ومما ينبغي أن يعلم: أن كل اسم أو صفة لهذا الكتاب العزيز فهو دال على معنى اختص به، ولولا خشية الإطالة لنبهنا على جملة تكون معينة على فهم ما بقي.
هذا وإن مما اختص به هذا الكتاب الكريم أن الله سبحانه تكفل بحفظه، ولم يكل حفظه إلى أحد من خلقه، يقول -سبحانه-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٢) ويقول -سبحانه-: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ (٣) ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ (٤)
ويقول ابن القيم ﵀: (فوصفه -سبحانه- بأنه محفوظ في قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٥) ووصف محله بالحفظ في هذه السورة – أي: البروج – فالله –سبحانه- حفظ محله وحفظه من الزيادة والنقصان والتبديل، وحفظ معانيه من التحريف، كما حفظ ألفاظه من التبديل، وأقام له من يحفظ حروفه من الزيادة
_________
(١) سورة لقمان الآية ٢٧
(٢) سورة الحجر الآية ٩
(٣) سورة البروج الآية ٢١
(٤) سورة البروج الآية ٢٢
(٥) سورة الحجر الآية ٩
1 / 11
والنقصان، ومعانيه من التحريف والتغير) اهـ
كتاب الله الكريم هو المنجي من الفتن، وهو أنيس المؤمن، ونور قلبه، وربيع صدره، وجلاء همه وغمه، كتاب الله نبأ ما قبلنا، وخبر ما بعدنا، وحكم ما بيننا، هو الفصل ليس بالهزل، ومن تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، لا تنقضي عجائبه، ولا تفنى عبره، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ (١)
من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، هو الآية الكبرى والمعجزة العظمى التي أوتيها نبينا ﷺ، حيث
_________
(١) سورة الجن الآية ١
1 / 12
يقول: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة (١)» أخرجاه في [الصحيحين]
_________
(١) [صحيح البخاري] (٦ / ٩٧) و(٨ / ١٣٨، ١٣٩) ط / المكتبة الإسلامية – استانبول، تركيا، و[صحيح مسلم] برقم (١٥٢) واللفظ له، من حديث أبي هريرة ﵁.
معجز في لفظه وبيانه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (١) معجز في تيسير تلاوته وقرآنه: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٢) معجز فيما حواه من قصص الماضين لنعتبر: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ (٣) ويقول -سبحانه-: _________ (١) سورة البقرة الآية ٢٣ (٢) سورة القمر الآية ١٧ (٣) سورة يوسف الآية ٣
معجز في لفظه وبيانه: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (١) معجز في تيسير تلاوته وقرآنه: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٢) معجز فيما حواه من قصص الماضين لنعتبر: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ (٣) ويقول -سبحانه-: _________ (١) سورة البقرة الآية ٢٣ (٢) سورة القمر الآية ١٧ (٣) سورة يوسف الآية ٣
1 / 13
﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (١)
معجز فيما حواه من عقائد وشرائع الدين؛ لنمثل: ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (٢) ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (٣) ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ (٤) ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (٥)
معجز بما حواه من أخبار الغيب؛ لنؤمن ونسلم: ﴿الم﴾ (٦) ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (٧)
_________
(١) سورة يوسف الآية ١١١
(٢) سورة إبراهيم الآية ١
(٣) سورة النحل الآية ٨٩
(٤) سورة الزمر الآية ٢
(٥) سورة الأنعام الآية ١٥٥
(٦) سورة البقرة الآية ١
(٧) سورة البقرة الآية ٢
1 / 14
آية ظاهرة، وحجة باهرة من بعثة النبي ﷺ إلى أن يأذن الله برفعه، تحدى الله به أفصح الناس فلم يستطيعوا، بل تحدى به الجن والإنس مجتمعين فأعياهم: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ (١) امتن الله به على نبيه ﷺ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ (٢) يهدي إلى الطريق القويم والمنهج المستقيم: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (٣)
_________
(١) سورة الإسراء الآية ٨٨
(٢) سورة الحجر الآية ٨٧
(٣) سورة الإسراء الآية ٩
هذا وإن لتلاوة هذا الكتاب أجرا عظيما، وفضلا كبيرا، يقول الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (١) ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ (٢) وعن ابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء (٣) _________ (١) سورة فاطر الآية ٢٩ (٢) سورة فاطر الآية ٣٠ (٣) [صحيح البخاري] (٨ / ٢٠٩) و[صحيح مسلم] برقم (٨١٥) (٢٦٦) واللفظ له.
هذا وإن لتلاوة هذا الكتاب أجرا عظيما، وفضلا كبيرا، يقول الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (١) ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ (٢) وعن ابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء (٣) _________ (١) سورة فاطر الآية ٢٩ (٢) سورة فاطر الآية ٣٠ (٣) [صحيح البخاري] (٨ / ٢٠٩) و[صحيح مسلم] برقم (٨١٥) (٢٦٦) واللفظ له.
1 / 15
الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار» رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف (١)»
_________
(١) [سنن الترمذي] للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، برقم (٢٩١٠) ط دار الكتب العلمية – بيروت -، وقال الترمذي: ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود، ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعود، رفعه بعضهم، ووقفه بعهم عن ابن مسعود. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، سمعت قتيبة يقول: بلغني أن محمد بن كعب القرظي ولد في حياة النبي ﷺ ومحمد بن كعب يكنى: أبا حمزة.
وصاحب القرآن هو المقدم في الدنيا والآخرة، وهم
وصاحب القرآن هو المقدم في الدنيا والآخرة، وهم
1 / 16
أهل الإكرام والإجلال، فعن عمر بن الخطاب ﵁: أن النبي ﷺ قال: «إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين (١)» أخرجه مسلم.
وعن أبي مسعود الأنصاري البدري ﵁، أن رسول الله ﷺ قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (٢)» . . . الحديث، أخرجه مسلم. وقال ابن عباس ﵄: (كان القراء أصحاب مجلس عمر ﵁ ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا) (٣) وعن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط (٤)» أخرجه أبو داود، وحسنه النووي.
_________
(١) [صحيح مسلم] برقم (٨١٧) .
(٢) [صحيح مسلم] برقم (٦٧٣) .
(٣) [صحيح البخاري] (٨ \ ١٤١) .
(٤) [سنن أبي داود] للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، برقم (٤٨٤٣) ط / دار الحديث – حمص – سوريا.
1 / 17
وعن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر (١)» متفق عليه.
هذا في الدنيا، أما في الآخرة فثوابه أعظم إن عمل به وأجره أكبر، عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق، له أجران (٢)» أخرجه مسلم، وأخرجه البخاري بنحوه.
وعن أبي أمامة الباهلي ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة
(٣)
_________
(١) [صحيح البخاري] (٦ / ٢٠٧) واللفظ له، و[صحيح مسلم] برقم (٧٩٧) .
(٢) [صحيح البخاري] (٦ / ٨٠) و[صحيح مسلم] برقم (٧٩٨) واللفظ له.
(٣) [صحيح مسلم] برقم (٨٠٤) .
1 / 18
شفيعا لأصحابه» أخرجه مسلم.
وصاحب القرآن هو المقدم في أول منازل الآخرة، فعن جابر بن عبد الله ﵄: «أن النبي ﷺ كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: " أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ " فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد (١)» أخرجه البخاري.
ولا يزال صاحب القرآن يترقى في منازل الجنة على قدر ما معه من القرآن، فعن أبي أمامة الباهلي ﵁ أن النبي ﷺ قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها (٢)» أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
_________
(١) [صحيح البخاري] (٢ / ٩٣) .
(٢) [سنن أبي داود] برقم (١٤٦٤) واللفظ له، و[سنن الترمذي] برقم (٢٩١٤) .
ولا شك أن العناية بحفظ القرآن من أجل ما تنصرف إليه الهمم؛ لما في ذلك من الأجر العظيم، وقد كان وصف هذه الأمة في الكتب السابقة بأن أناجيلهم في
ولا شك أن العناية بحفظ القرآن من أجل ما تنصرف إليه الهمم؛ لما في ذلك من الأجر العظيم، وقد كان وصف هذه الأمة في الكتب السابقة بأن أناجيلهم في
1 / 19
صدورهم وهكذا فإن الله سبحانه قد أخبر في كتابه: أن هذا الكتاب محفوظ في صدور الرجال، يقول الله -سبحانه-: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (١) ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾ (٢)
فأخبر سبحانه أنه في صدور العلماء محفوظ، وهذا يصدق الحديث القدسي الذي فيه: «.. إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء (٣)» . . . أخرجه مسلم، والمعنى: أن الماء لا يمحوه، إذ هو محفوظ في الصدور.
وقد شبه النبي ﷺ من لم يحفظ شيئا من القرآن بالبيت الخرب، فعن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول
_________
(١) سورة العنكبوت الآية ٤٨
(٢) سورة العنكبوت الآية ٤٩
(٣) تقدم تخريجه ص٦.
1 / 20
الله ﷺ: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب (١)» أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وقد تقدمت معنا الأحاديث الدالة على إكرام حامل القرآن وعظيم منزلته.
_________
(١) [سنن الترمذي] برقم (٢٩١٣) .
وحفظ القرآن مشروع للمسلم، والقدر الواجب عليه منه هو ما يحتاج إليه في تصحيح عبادته. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: (وأما حفظ جميع القرآن وفهم جميع معانيه ومعرفة جميع السنة – فلا يجب على كل أحد، لكن يجب على العبد أن يحفظ من القرآن ويعلم معانيه ويعرف من السنة ما يحتاج إليه) اهـ
وإن مما ينبغي العناية به لمن أراد تلاوة القرآن وحفظه أمور: أولها: وجوب الإخلاص لله في العمل الذي يقدم عليه، وألا يكون مراده به حظا من الدنيا قريب حقير، فإن الله تعالى يقول:
وحفظ القرآن مشروع للمسلم، والقدر الواجب عليه منه هو ما يحتاج إليه في تصحيح عبادته. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: (وأما حفظ جميع القرآن وفهم جميع معانيه ومعرفة جميع السنة – فلا يجب على كل أحد، لكن يجب على العبد أن يحفظ من القرآن ويعلم معانيه ويعرف من السنة ما يحتاج إليه) اهـ
وإن مما ينبغي العناية به لمن أراد تلاوة القرآن وحفظه أمور: أولها: وجوب الإخلاص لله في العمل الذي يقدم عليه، وألا يكون مراده به حظا من الدنيا قريب حقير، فإن الله تعالى يقول:
1 / 21
﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ﴾ (١) ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٢)
ويقول -سبحانه-: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ (٣) ويقول -جل وعلا-: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾ (٤)
وفي [صحيح مسلم] من حديث أبي هريرة ﵁: أن النبي ﷺ قال: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم،
(٥)
_________
(١) سورة هود الآية ١٥
(٢) سورة هود الآية ١٦
(٣) سورة الشورى الآية ٢٠
(٤) سورة الإسراء الآية ١٨
(٥) [صحيح مسلم] برقم (١٩٠٥) .
1 / 22
وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار» . . . الحديث. عياذا بالله من حالة السوء.
قال ابن القيم ﵀ بعدما أورد هذا الحديث: (وسمعت شيخ الإسلام يقول: كما أن خير الناس الأنبياء، فشر الناس من تشبه بهم من الكذابين، وادعى أنه منهم وليس منهم، فخير الناس بعدهم العلماء والشهداء والصديقون والمخلصون، وشر الناس من تشبه بهم، يوهم أنه منهم وليس منهم) اهـ
ثانيا: ينبغي لمن أراد حفظ القرآن أن يكرره ويتعاهده حتى يتمكن من حفظه، والله تعالى إن علم من عبده الصدق يسر له طريق الحفظ ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (١)
ثالثا: من كان معه شيء من القرآن قد حفظه فليتعاهده
_________
(١) سورة القمر الآية ١٧
1 / 23
بالتكرار والمراجعة حتى لا يضيع منه، وليستعن على ذلك بالصلاة، فإن من قام بحزبه من القرآن لم ينسه.
فعن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت (١)» متفق عليه. وزاد مسلم في رواية: «وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقم به نسيه (٢)»
رابعا: مما يعين على حفظ القرآن مدارسته، وقد كان جبريل ﵇ يدارس رسول الله ﷺ القرآن في كل سنة مرة، إلا عام قبض فقد عارضه القرآن مرتين، ويقول الرسول ﷺ في فضل مدارسة القرآن: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده (٣)» . . . . الحديث
_________
(١) [صحيح البخاري] (٦ / ١٠٩) و[صحيح مسلم] برقم (٧٨٩) (٢٢٦) واللفظ له.
(٢) [صحيح مسلم] برقم (٧٨٩) (٢٢٧) .
(٣) [المسند] للإمام أحمد بن حنبل (٢ / ٢٥٢) ط الميمنية، و[صحيح مسلم] برقم (٢٦٩٩) و[سنن أبي داود] برقم (١٤٥٥) من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 24