230

The Music of Remembrance

العزف على أنوار الذكر

Noocyada

وترى ذلك فى أسلوب مراعاة النظائر والتناسب وهو فى القرآن الكريم كثير لا تراه فى الكلمات، فحسب بل يمتد إلى الجمل والآيات فى السورة بل بين المعاقد فى السورة الواحدة، كماتراه بين المعقد الأول والثالث من سورة (النحل) (١) بل تراه بين السورتين كما تراه بين سورة (آل عمران) و(البقرة) من وجه وبين (آل عمران) (الاخلاص) من وجة آخر، وما تراه بين (الطواسيم) وبين سور (الحواميم)

(١) - الآيتان الأوليان هما مطلع التلاوة في سورة النحل، ليبدأ المعقد الأول من الآية الثالثة: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (النحل:٣) وينتهي بقوله ﷿: (إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) (النحل: من الآية٢٢)
ويبدأ المعقد الثالث بالآية الخامسة والستين: (وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (النحل:٦٥) لينتهي بالآية التاسعة والثمانين: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:٨٩) فالايقاع المعنوي بين المعقدين قائم على التناظر والتشابه، والنظرة والعجلى تكاد تحسب أن آيات المعقد الثالث كأنَّها تكرار لما جاءت به آيات المعقد الأول، ولكنَّ التبصر يهدي إلى أنَّ ذلك من قبيل تصريف البيان، وليس من التكرار، وتصريف البيان هو من قبيل إيقاع المعاني، والتكرير من قبيل إيقاع الأصوات.

1 / 230