قال ابن دقيق العيد: المسجد موضع السجود في الأصل، ثم يطلق في العرف على المكان المبنى للصلاة التي السجود منها، وعلى هذا: فيمكن أن يحمل المسجد في الحديث على الوضع اللغوي، أي جُعلت لي الأرض موضع السجود، ويمكن أن تُجعل مجازًا عن المكان المبني للصلاة؛ لأنه لمَّا جازت الصلاة في جمعيها كانت كالمسجد في ذلك. ا. هـ (١)
والمسجد بمعناه الشرعي - الذي هو موضع السجود - هو من خصائص هذه الأمة، لقوله ﷺ (جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا)
قال القاضي عياض: لأنَّ من كان قبلنا، كانوا لا يصلون إلا في موضع يتيقنون طهارته، ونحن خُصصنا بجواز الصلاة في جميع الأرض، إلا ما تيقنَّا نجاسته. ا. هـ (٢)
فضائل المساجد:
١ - قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقره / ١١٤)
٢ - وقَال تَعَالَى ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨]
٣ - وقَال تَعَالَى ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيى لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: ٢٦] وهذه الأيات فيها دلالة عظيمة على فضيلة المسجد؛ فإنَّ الْأَرض كلها للَّه - تعالى - ملْكًا وخلقًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷾: ﴿إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [الأعراف: ١٢٨] وَأما الْمَسَاجد فقد أضافها الِلَّه- تعالى - إلى نفسه إضافة رِفْعَة وَتَشْرِيف؛ كما في قوله " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ ....... "
وقوله تعالى "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ " ممَّا يدل على فضل المساجد، التي هي بيوت الله - تعالى - في الأرض. (٣)
_________
(١) وانظر إحكام الأحكام (١/ ١٥٦) والإعلام بفوائد عمده الأحكام (١/ ٦٩٤) وأضواء البيان (٨/ ٣٢٠)
(٢) وانظر الجامع لأحكام القرآن (٨/ ٣٧٢) وشرح مسلم للنووى (٣/ ٩)
(٣) وانظر المحررالوجيز (١/ ٢٠٨) وتفسير القرآن العظيم (٢/ ٤٧٩) والفروع (٢/ ٣٤٤)
فائدة: وَإِنْ كَانَتْ المساجد تضاف لِلَّهِ ملْكًا وَتَشْرِيفًا، فَإِنَّهَا قَدْ تنسب إلَى غَيْرِهِ تَعْرِيفًا، فَيُقَالُ: مَسْجِدُ فُلَانٍ، وَفِي الْحَدِيث الصحيح «أَنَّ النَّبِى- ﷺ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ تُضْمَرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ» وَتَكُونُ هَذِهِ الْإِضَافَةُ بِحُكْمِ الْمَحَلِّيَّةِ، وانظر أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ٣٢١)
1 / 5