123

The Mosques: Houses of God

المساجد بيوت الله

Noocyada

ممَّا دل أنَّ هذا الأمر كان سُنة الصحابة ﵃.
قال ابن هانىء: رآني أبوعبد الله (يعني أحمد بن حنبل) يومًا وأنا أصلِّي وليس بين يدي سترة، فقال لي: استتر بشيء، فاستترت برجل. (١)

(١) وانظر مسائل ابن هانىء لأحمد (ص/١٦٦)
فائدة: وقد ذهب الجمهور إلى القول باستحباب اتخاذ السترة، واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس قال: [أقبلت راكبًا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله r يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحد] متفق عليه.
قال الشافعي: (إلى غير جدار): إلى غير سترة. واستدلوا أيضًا بحديث ابن عباس: [أن النبي ﷺ صلى في فضاء ليس بين يديه شيء] رواه أحمد وأبو داود والنسائي
والراجح ما ذكرنا أعلاه أما الرد على الجمهور: أولًا: الجواب عن قول ابن عباس: [إلى غير جدار] من وجوه:
١ - أنه يخالف ما ثبت عنه أيضًا حيث قال: [ركزت العنزة بين يدي رسول الله بعرفات فصلى إليها والحماريمر من وراء العنزة] رواه أحمد وابن خزيمة، وسنده صحيح، فالرسول ﷺ لم يتركها في عرفات، فكيف يتركها في منى؟ !
٢ - أنه جاء ما يفسر قول ابن عباس: [إلى غير جدار] وهو من طريق ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم أن مجاهدًا أخبره عن ابن عباس قال: [جئت أنا والفضل على أتان فمررنا بين يدي رسول الله (بعرفة) وهو يصلي المكتوبة، ليس شيء يستره يحول بيننا وبينه] رواه ابن خزيمة (٨٣٨) وسنده صحيح ..
وقال الشوكاني: " ويحمل حديث ابن عباس على أن صلاته كانت إلى سترة، مع وجود السترة لا يضر مرور شيء من الأشياء المتقدمة، كما يدل على ذلك قوله في حديث أبي هريرة: [ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل]، وقوله في حديث أبي ذر: [فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل]
٣ - لا يلزم من نفي الجدار نفي السترة، ويدل على هذا أنَّ البخاري بوَّب على هذا الحديث باب " سترة الإمام سترة لمن خلفه " فاقتضى ذلك أنه ﷺ كان يصلي إلى سترة .. ".
وأما الجواب عن حديث ابن عباس: [أن النبي ﷺ صلى في فضاء ..] فهو حديث ضعيف فيه حجاج بن أرطأة وهو ضعيف ومدلس وقد عنعنه. وقد ضعفه الألباني في الضعيفة برقم (٥٨١٤)، وتمام المنة ص (٣٠٤).

1 / 123