8

The Miracles and the Metaphysics between the Insights of Revelation and the Darkness of Denial and Interpretation

المعجزات والغيبيات بين بصائر التنزيل ودياجير الإنكار والتأويل

Daabacaha

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Lambarka Daabacaadda

السنة الثانية عشرة،العدد السابع والأربعون والثامن والأربعون

Sanadka Daabacaadda

رجب - ذو الحجة ١٤٠٠هـ/١٩٨٠م

Noocyada

(٧٣: الأعراف)، فقالوا: هي رمز لحجة دامغة وسلطان قاهر، أذعن له القوم، وتأولوا ما ورد في القرآن عن شربها١ في قوله تعالى: ﴿قَال هَذِهِ نَاقَةٌ لهَا شِرْبٌ وَلكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ ٢ (١٥٥: الشعراء)، بأن معنى هذا الشرب هو أن هذه الحجة قد أبطلت جميع ما خالفها. وتغافلوا عن وصف القرآن لها بأنها ﴿تَأْكُل فِي أَرْضِ اللهِ﴾ (٧٣: الأعراف) وقوله: ﴿لهَا شِرْبٌ﴾ (١٥٥: الشعراء)، وأنهم عقروها ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾ (١٤: الشمس)، وكل هذا ينقض دعواهم.
رابعا: تأويل الهدهد بأنه رجل وليس طائرا: وقرأوا ما ذكره الله في كتابه عن هدهد سليمان في قوله سبحانه: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَال مَا لِيَ لا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ﴾ (٢٠: النمل)، واستبعدوا كيف يتكلم هذا الهدهد؟ وكيف يقول لسليمان ﵇ كما ذكر الله سبحانه: ﴿أَحَطْتُ بِمَا لمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ﴾ (٢٢: النمل) فقالوا: إن الهدهد رمز لرجل، أو أنه اسم لجندي من جنود سليمان ﵇، كانت مهمته أن يجمع له المعلومات. ولو أن هؤلاء فهموا ما يدل عليه قوله تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ﴾، وقوله تعالى: ﴿عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾ (١٦: النمل) وكانت لهم عقول يعلمون بها أن الهدهد طائر من هذا الطير لما قالوا بهذا، ولقد كان الطير جنودا لسليمان كما قال تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُليْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ (١٧: النمل) وقد ذكر الفخر الرازي ﵀ في تفسيره٣ مطاعن الملاحدة في قصة الهدهد فأطال في ذكرها، وأوجز في نقضها، ولست أرى ما يدعو إلى ذكرها.
خامسا: تأويل النمل بأنهم قوم ضعاف: وحامت في نفوسهم وساوس الريب حول قول الله جل ذكره: ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلى وَادِ النَّمْلِ قَالتْ نَمْلةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُليْمَانُ

١ الشرب بكسر الشين: النصيب من الشراب. ٢ كانت الناقة آية من الله سبحانه، ومعجزة لصالح ﵇، والمعجزة أمر خارق للعادات لكن الفكر المتشيع للمادية لا يؤمن إلا بما عاينه ولامسه؛ لأن عيونهم كليلة، وفي القلوب أمراضها. ٣ انظر مفاتح الغيب للفخر الرازي ح ٢٤ ص ١٩٠- ١٩١ ط دار المصحف.

1 / 167